مهرجان شنقيط.. فساد، يجهض أحلام الرئيس وجهود الوزير

اثنين, 12/16/2024 - 21:18

اتهمت العديد من الشخصيات المشاركة في النسخة الحالية من مهرجان شنقيط، إدارة المهرجان بالفشل رغم الموارد الكبيرة التي خصصت له، وحرص رئيس الجمهورية أن يكون واجهة ثقافية تعطي صورة مشرفة عن البلد وعراقته، وقد عبر وزير الثقافة عن هذا الحرص من خلال تعليمات واضحة وصريحة ، بالاضافة إلى حرصه على حضور جميع فعاليات المهرجان مرفوقا بطاقمه خاصة الأمين العام للوزارة.

ورغم ذلك فإن عدة جهات سعت بل عملت على إجهاض هذا التوجه، فعكس تصرفها جانبا قاتما من الصورة التي لم تحافظ على نصاعتها.

وقد عبرت شخصيات محلية وعربية وأجنبية في تدوينات ومقالات عن امتعاضها الشديد من الجانب التنظيمي والبروتوكولي، نستعرض فيما يلي بعضها:

.

الدكتور أيمن السيسي: مهرجان موريتانيا …  فساد بين أحلام الرئيس وجهود الوزير

بدأ أول أمس مهرجان المدن القديمة في موريتانيا ( مدن العلم شنقيط وولاته وودان وتشيت التي نشرت العلم والفقه في غرب أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى وجعلت موريتانيا البادية الوحيدة العالمة في العالم )  وهي الدورة الثالثة عشر التي خصصت لها الدولة 40 مليون دولار  كان يمكن ان تجعلها  الحدث الثقافي  الأبرز  في أفريقيا هذا العام وكنت شخصيا أتفاءل به على المستويين العلمي والسياسي خصوصا في ظل وجود وزير للثقافة مجد ومجتهد وذو تاريخ ثقافي  وإعلامي مشرف فضلا وذاك ما  أعرفه عنه  بحكم صداقتنا وزمالتنا  معا لسنوات طويلة ، وفي ظل دعم كبير من الرئيس الغزواني يرجو رفعة بلاده  ويجتهد في مكافحة الفساد ونبذ العنف وخفض مستويات الكراهية  ويحاول بناء دولة جديدة  وهو ما تجلى عمليا في  خطط عديدة للدولة وأفكار كثيرة نبيلة أعرفها  ولكن يبدو أن  قطاع الموظفين في موريتانيا يعملون  ضد توجهاته ويحبطون خططه   ، هؤلاء  المنتفعون  يعملون عكس ما يهدف  الرئيس  ورغما عن الوزير يفسدون  أجمل مايمكن أن يكون فرصة كبيرة  للدولة وإظهارا لتوجهها الداعم للعلم والعلماء والثقافة لتبديد ولنفي خطاب العسكرة الذي تتهمها المعارضة به،  ترتيبات المهرجان سحق فيها السفراء من الازدحام وأهين كبار المدعوين الذين تم استقبالهم في بيوت متواضعة لا تليق  وسمعوا من أصحابها  أن الموظفين منحوهم مالا ضئيلا مقابل الاستضافة.  وللأسف حدث كثيرا من الهرج  في حضور رئيس الجمهورية والازدحام  الذي تسبب في عدم دخول حاملي وهو ما  أساء للدولة  ورئيسها ووزيرها  الأول،  أما الأهم والذي  كاد يسبب أزمة للدولة مع أحد أهم الشخصيات في العالم   والتي كان  العتب أو اللوم سيتخطى الوزير  وحتى الوزير الاول إلى أن يوجّه لرئيس الدولة شخصيا  بصفته وشخصه  لولا أن تداركت الأمر بصفة شخصية ووأدت الأزمة، 

حسب العديد من المراقبين فقد شهِدت هذه النسخة اختلالات غير مسبوقة، حيث أنها المرة الأولى التي ينسحبفيها رئيس الجمهورية قبل نهاية السهرة، كما أنها المرة الأولى التي يغادر فيها المهرجان دون توزيع الجوائز على الفائزين في المسابقات.

وانتقد العديد من الحاضرين طول السهرة البارحة وغياب الإبداع في فقراتها، حيث تحدثالصحفي عبد الباري عطوان بشكل مطول، منتقدا بعض الحكومات دون أدنى احترام للعلاقاتالأخوية التي تربطنا بهذه الدول.

كما أن بعض المتدخلين أطنب في مدح القبائل وتمجيدها والتنقيص من بعض شرائحالمجتمع، في تناقض صارخ مع نص وروح الخطاب الذي ألقاه فخامة رئيس الجمهورية عندافتتاحه للمهرجان... ولولا معرفتي بالوزير ولد مدو  ونبل مقاصده و  حجم جهوده   لألصقت الأزمة بالوزير  ، لأنني أعرفه وأذكر  كيف نجح الحسين ولد مدو  وما بذل من جهد كبير في آخر مؤتمر شهدته “الها با” هيئة الإعلام،  قبل أن يتولى وزارة الثقافة  وسهره وقتها على دقة التنظيم  و راحة الضيوف ومتابعة كل صغيرة وكبيرة في المؤتمر مع موظفيه الذي أحسن أختيارهم  مثل الشاب  “ سيدها  “ الذين تذكرته وأنا أقرأ بعض ما كتب  عن المهرجان الأخير  وكيف كان “سيدها “منظما دقيقا وظاهرا مع الوزير طوال عشرين ساعة في اليوم على أمور المؤتمر وضيوفه حتى نجح  ، ….40 مليون دولار انفقت  كان يمكن بالقليل منها  أن تنفخ الروح في هذه المدن باستحضار ثقافتها وعلومها الفقهية والتراثية وإرهاصات التجديد الفقهي ونشره كانتاج فقهي ميز هذه المدن وإعادة بث إشعاعها في العالم  وترميم الآف المخطوطات الثمينة والنادرة وحفظها من الضياع   ، أو تخصيص النذر اليسير منها لإنتاج درامي متميز يحارب الظواهر السلبية التي بدأت تنتشر في المجتمع وأعرف شبابا من خيرة المبدعين ومنهم الشاب محمد شيخن كنكو  الذي قدم مشاريع فنية مهمة لم يلتفت لها ، برغم  أنها كلها  أهدافا أعلم عن الوزير المثقف الحسين ولدمدو الحرص عليها    ولكن  تحتاج إلى موظفين ومسؤلين ينفذون أفكار رئيسها في مواجهة التردي ومكافحة الفساد الذي أسهب الكثير في بجاحته في هذا المهرجان الأخير و جعلني أرى  موريتانيا  كمركب يحاول ربانها الوصول بها إلى بر الأمان و لكن ركابها في لهوهم ينزعون ألواحها الخشبية لتتسرب اليها الماء   …. نتمنى ألا تغرق المركب.

البروفيسور بيرنار سيزون، مكتشف آزوكي يتعرض للإهانة والإهمال

فيما علق أحدهم عن الظروف التي اكتنفت مشاركة البروفيسور بيرنار سيزون، مكتشف مدينة آزوكي قائلا:

البروفيسور بيرنار سيزون عالم من أكبر علماء الآثار، يرجع له الفضل في اكتشاف موقع آزوگيالتاريخي وله عدة مؤلفات في الموضوع. تلقى هذا العالم دعوة رسمية من الجمهورية الإسلامية الموريتانية لحضور فعاليات مهرجان شنقيط.

اعتذر البروفيسور عدة مرات، وهو الخبير بالمنطقة ويدرك تمام الإدراك أن سفرا بهذه الصعوبة لم يعد يتماشى مع عمره. قال لهم : “أنا تعديتُ الثمانين ولم يعد باستطاعتي تحمل سفركهذا”.

أصرَّ المنظمون على استدعاءه قائلين إن غيابه غير مقبول، وهو مُكتشِفُ آزوگي والمهرجان فيآدرار. قال لهم إنه لا يستطيع تحمل الطريق بين نواكشوط وشنقيط فقالو له إن نقل كبار الضيوف سيتم على متن طائرة بين نواكشوط وأطار، ثم سيارة مكيفة بين أطار وشنقيط.

قبِل العالم على مضض لأنه يحب موريتانيا ووصل بالفعل إلى مطار نواكشوط ليلة الجمعة، الساعة الواحدة صباحا على متن الخطوط الملكية المغربية.

لم يكن في استقباله أحد. انتظر طويلا. حاول الاتصال ولكن لا أحد يجيب. في حدود الثالثةصباحا طلب منه أفراد الشرطة مغادرة المطار والانتظار في الخارج. جلس على مقعد حديديينتظر الصباح.

في حدود التاسعة هاتف صديقه البروفيسور عبد الودود ولد الشيخ المتواجد في فرنسا. علىالفور اتصل عبد الودود بصديقه الباحث محمد فال ولد اباه ولد حامد الذي توجه صوبالمطار بمجرد انتهاء المكالمة.

طبعا أخذ عالم الآثار في سيارته وتواصل مع جميع موظفي وزارة الثقافة المتواجدين في هاتفهالمحمول. وكانت خامس محاولة من نصيب مدير المتحف الوطني محمد محمود ولد أب ولد أنه، الذي منعته ظروف صحية من السفر إلى شنقيط، فقال لهم تلقائيا : “توجهو إلى فندق مورسنتر وهو المخصص لضيوف المهرجان، إذا كان اسمه هنالك يأخذ غرفته وإلا فها أنا في الطريق إلى الفندق وسأتحمل تكاليف إقامته شخصيا”.

في الفندق أخذ الضيف قسطا من الراحة وفي المساء زاره موظف من وزارة الثقافة وقال له إنالطائرة المتوجهة إلى أطار سوف تُقلع صباح السبت وإنه شخصيا سوف يأتي إلى الفندق لنقلهإلى المطار والتكفل بجميع الإجراءات، وطلب منه التواجد في بهو الفندق عند تمام الساعةالسابعة صباحا.

ثم عادت حليمة إلى عادتها القديمة.. بعد الساعة الثامنة والنصف دخل الموظف الفندقيتبختر، ومن الواضح أنه استيقظ لتوه. قال للبروفيسور إنه متعب بسبب مشاغل المهرجان ولذااستيقظ متأخرا. أما الطائرة فقط أقلعت بالفعل ولكن لا مشكلة، السيارات متوفرة..

شكره الشيخ الوقور بهدوء قبل أن يقول له إنه لا يمكنه السفر برا، وقال له إنه في غاية التعبوكل ما يريده هو الرجوع إلى فرنسا في أسرع وقت.

في مساء نفس اليوم هاتفه قائلا إنه عجز عن حجز مقعد على أية رحلة، ولذا ما عليه سوى انتظار رحلة الإياب المبرمجة سلفا يوم 17 ديسمبر.

ولا يزال البروفيسور بيرنار سيزون متواجدا حتى هذه اللحظة في فندق موريسنتر، وأقصى مايتمناه على لبلادنا هو أن تعيده إلى أهله في أسرع وقت ممكن..

الحرية_نت- الفكر بتصرف قليل