قال الناقد المصري الكبير الدكتور صلاح فضل إن "الثورة الرقمية التي نعيشها، وعوالم الاتصال الجماعي تقدم أجمل فرصة لازدهار اللغة العربية".
وأضاف بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، لـ24 "بدلاً من اصطناع لغات هجينة مشكَّلة من كلمات عربية وأخرى أجنبية، ومحاولة كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية، وهي تجارب سبق وأن دعا إليها بعض المفكرين وتجاوزها المجتمع العربي، واستطاع أن يكتشف قدرته على التعبير بلغته الأم، وتمرس إلى درجة كبيرة بانتشار مستويات اللغة الفصحى بين جميع طبقات الشعب، بفضل وسائل الإعلام، فإن الشباب على وجه التحديد يجب تحفيزهم وحثهم على العودة إلى التعبير ولو بالعامية المصرية التي يتكلمون بها".
وتابع "يكفي فقط أن نقول لهم إن هذه العامية هي في جوهرها مأخوذة من اللهجات العربية، التي كانت تتحدث بها القبائل، التي دخلت مصر مع الفتح الإسلامي، وإن اختلافها عن الفصحى مشروع، ولا يضر بطبيعة عروبتها، وإنها إذ تستوعب وتحتضن بعض الكلمات التركية والإيطالية واليونانية وبقايا اللغة الديموطيقية الفرعونية القديمة فإنها بذلك تصبح خير تعبير عن الشخصية المصرية لأنها تتحرر من قواعد الإعراب، وهي قيود يمكن للهجات أن تتحرر منها ولا تضر بالوظيفة الأساسية للغة، وهي الإفهام، لأن الإعراب في جوهره كما احتفظت به قريش كان ضرورة للوزن الشعري، فتشكيل أواخر الكلمات أساس في البحور الشعرية، لكن الكلام النثري يمكن أن ينتهي إلى تسكين هذه الأواخر كما نفعل في العامية".
وأوضح فضل "الدعوة التي أدعو إليها أنني أناشد الشباب أن يكتبوا باللغة العامية على أجهزة التليفونات وفي الوسائط الحديثة، فهم بذلك يعززون اللغة العربية، لأنها ليست خطيئة، بل تتعاون جداً مع الفصحى في المستويات الإبداعية العليا، فشعر العامية مثلاً من أجمل وأنضج أدوات التعبير الشعري في العصر الحديث، وهو يعزز شعر الفصحى، ولا ينافسه، كما أن الأغاني التي تمثل وجدان الشعوب وأحلامها وتعبر عن ضميرها ومواقفها في مختلف جوانب الحياة، حين تنساب إلى أرواحهم مقطرة بشفافية شعرية عبر اللغة العامية فإنها تزيد ارتباطهم بهذه اللغة العربية في تجلياتها اليومية".
وختم قائلاً: "ما أريد أن أقوله لهؤلاء الشباب: أنتم تتنفسون بالعربية وتحبون بها وتعشقون بها، فلا تكفوا عن هذا العشق، ولا تلجؤوا للغات الغربية التي لن تحمل ملامح وجوهكم ولن تحقق التواصل الجميل بينكم".
24