المركز الثقافي المغربي بنواكشوط يحتضن محاضرة بعنوان: الحماية الجنائية للطفل في القوانين المغاربية

خميس, 12/17/2015 - 00:39

 احتضن المركز الثقافي المغربي في نواكشوطمحاضرة حول:    الحماية الجنائية للطفل في القوانين المغاربية.. وقد ألقى مدير المركز: د. محمد القادري كلمة أمام جمهور من المثقفين والطلبة، هذا نصها:

 فرضت طبيعة الطفل وأهميته على مختلف التشريعات الجنائية تعاملا خاص، وهو ما نجده واضحا في التشريعات الجنائية المغاربية وان اختلفت في عملية التعاطي تلك، حيث عملت بعض التشريعات على سن قوانين خاصة في مجال الحماية الجنائية للطفل في حين أبقت تشريعات أخرى على تلك الحماية داخل النص الجنائي العام.

وبغض النظر عن المنهجية المتبعة من طرف التشريعات المغاربية بهذا الخصوص، فإنها في المجمل حاولت خلق حماية جنائية للطفل في مختلف مراحل التقاضي بدءا بمرحلة الحراسة النظرية وانتهاء بمرحلة الحكم. وتعكس تلك الإجراءات رغبة تلك الدول في التعاطي إيجابا مع الطفل الضحية والفاعل  وفي نفس الوقت احترم الالتزامات الدولية في هذا المجال( الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل 1989 و المواثيق ذات الصلة كقواعد بيكين مثلا...).                                                                              

وهكذا جاء المشرع الموريتاني بالأمر القانوني رقم 015-2005 الصادر بتاريخ 05 دجمبر  2005والمتضمن الحماية الجنائية للطفل. وقد حدد هذا النص سن المسؤولية الجنائية ببلوغ الطفل 18 سنة، حيث نصت المادة الأولي منه علي أنه "... يعتبر طفلا في مفهوم هذا الأمر القانوني كل إنسان يقل عمره عن ثماني عشرة سنة....".،كما قسم المشرع مراحل الطفولة إلى ثلاثة وجعل الحد الادني للمسؤولية الجنائية 15 سنة، ووضع جزاءات في جميع حالات الطفل، لا تشمل الإعدام و السجن المؤبد ( المواد 6 ،7،8، وما بعهدها وكذا المادة 147)

وذهب المشرع الموريتاني إلى إلزام حضور محام ومرشد اجتماعي عند أول مثول للطفل لدى الشرطة المختصة واشترط في ذلك أن لا تزيد مدة الحراسة النظرية على 24 ساعة تمدد مرة واحدة بإذن من وكيل الجمهورية، وأعطى لمنظمات المجتمع المدني الحق في لعب دور الطرف المدني بعد تحريك الدعوي من المتضرر.( المواد 101 ،102 ،... 109).، كما حدد المشرع الموريتاني محاكم خاصة بالأطفال المتنازعين مع القانون، تشمل محاكم جنح ومخالفات ومحاكم جنايات، وقد أنشئت هذه الأخيرة بموجب المرسوم 237/2010 وتم إصدار المقرر587/013 الخاص بمحلفي المحكمة وهو ما يعني اكتمال تشكيلتها قانونا.

       و قد ذهب المشرعان التونسي والليبي مع الاتجاه الذي سلكه المشرع الموريتاني، وذلك من خلال النصين على التوالي: قانون عدد 92 لسنة 1995 مؤرخ في 9 نوفمبر 1995 يتعلق بإصدار مجلة حماية الطفل. والقانون رقم(5) لسنة 1427 ميلادية بشأن حماية الطفولة. واستناد على ذلك عرف المشرع التونسي الطفل من خلال الفصل رقم 3 والذي ينص على أنه " المقصود بالطفل على معني هذه المجلة كل إنسان عمره أقل من ثمانية عشرة عاما، ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضي أحكام خاصة." أما المشرع فقد عرف الحدث بقوله " يقصد بالطفل في تطبيق أحكام هذا القانون الصغير الذي لم تبلغ سنه السادسة عشرة ويشمل ذلك الجنين في بطن أمه."                                                   

وبخصوص سن المسؤولية الجنائية فالملاحظ أن المشرع التونسي رفع مرحلتها الأولي غير المعاقبة إلى سن 13 سنة وهو أمر مستغرب بالنسبة لنا، وفي نفس الوقت لم يكلف المشرع الليبي نفسه عناء البحث في القضية واكتفى بإحالة ذلك إلى النص العام. ولا يتفق التشريعان مع نظيريهما الموريتاني فيما يتعلق بآلية المحاكمة وتنفيذ الأحكام.......

   وعلي خلاف التشريعات السابقة فقد فضل المشرعان المغربي و الجزائري الإبقاء على الحماية الجنائية للطفل داخل النص العام، وهكذا نجد المشرع المغربي يحدد المسؤولية الكاملة للطفل في 18 سنة ميلادية كاملة ويعتبر الأقل من 12 سنة عديم المسؤولية الجنائية ( المادة 458 ق.م.ج)، كما حدد المشرع المغربي هيئات خاصة بقضاء الأحداث (نفس المادة السابقة). أما المشرع الجزائري فقد عرف الطفل من خلال المادة442 جنائي والتي تنص علي أنه " يكون بلوغ سن الرشد الجنائي في تمام الثامنة عشرة"، وقسم المشرع الجزائري مراحل الحداثة الي ثلاثة وميز في المجال الجنائي بين تدابير         وعقوبات مخففة تطبق علي الطفل ( المواد50 ق.ع و 440 ق.ا.ج)، كما أفرد محاكم خاصة بالأحداث.              

 وبالجملة فإنه يمكن القول أن الحماية الجنائية للطفل في القوانين المغاربية تعكس مدي الأهمية التي يحظي بها الطفل المغاربي ، كما تبرز التقارب – المبرر- بين مختلف التشريعات الجنائية المغاربية الأمر الذي عكسته لجنة المصادر البشرية بالأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي من خلال تبنيها فكرة إنشاء قانون نموذجي مغاربي في مجال الحماية الجنائية للطفل وذلك في اجتماع انواكشوط/ مارس2015،.                                                 

والله المستعان والهادي إلى سواء السبيل

الدكتور/ محمد سيد أحمد القروي

أستاذ القانون الجنائي وعلم الإجرام

خبير معتمد لدي المحاكم الموريتانية في مجال إجرام الأطفال.

medkharawi@yahoo.fr