الجزيرة تكشف حقيقة "أبو القعقاع".. داعية المخابرات السورية

جمعة, 11/27/2015 - 13:38

الجزيرة- في حلقته الجديدة، يكشف برنامج "الصندوق الأسود" حقيقة أبو القعقاع السوري الذي اشتهر كداعية إسلامي في حلب، وصولا إلى كشف علاقته بالمخابرات السورية.

وتتبعت حلقة الخميس (26/11/2015) من البرنامج بدء ظهور نجم محمد قول أغاسي المعروف بكنية "أبو القعقاع السوري" والمولود عام 1973، والخيوط المحيطة بهذا الرجل وكيف استطاع العمل في ظل حزب البعث الذي كان يضيق الخناق على أي نشاط ديني.

البداية فلسطين
كانت الانطلاقة الحقيقية لأبو القعقاع عام 2001 مع اشتعال ثورة الانتفاضة الفلسطينية، حيث ألهبت خطبه الحماسية في مسجد العلاء بحي الصاخور في حلب حماس الجماهير.

يقول أبو السعيد -وهو أحد سكان حي الصاخور- إن أبو القعقاع "عاش في بيئة فقيرة، وفجأة ظهرت عليه الأموال الكثيرة، وكانت هذه إشارة من الإشارات".

استطاع فريق البرنامج أن يلتقي ثلاثة من تلاميذ أبو القعقاع، وهم: أبو همام الدليمي، وأبو خالد الحلبي، وأبو الحسن السوري.

تحدث الدليمي عن بدايات أبو القعقاع، وقال إنه كان يمتلك وسائل قوية للإقناع والوصول إلى القلب، وكان يضع القضية الفلسطينية نصب عينيه، فاستطاع استقطاب الشباب حوله.

وتحدث أبو خالد الحلبي عن التدريبات التي كان الشباب يتلقونها في مسجد العلاء الحضرمي بحلب، بينما أشار أبو الحسن السوري إلى أن ضباط الأمن كانوا يخافون منه ومن صلاحياته ونفوذه.

واللافت في هذه الفترة أن خطب أبو القعقاع والفعاليات التي كان يقيمها لم تكن تواجه أي تضييق أمني، بل سمح له بإقامة المهرجانات ونصب الشاشات ليرى الناس ما يحدث للمسلمين في العالم.

الجهاد العالمي
عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة وإعلان الحرب على ما يسمى "الإرهاب"، انتقل أبو القعقاع من القضية الفلسطينية إلى مرحلة تبني الجهاد العالمي، فسعى إلى تكوين علاقات خارجية بدأت بزيارته إلى أفغانستان لمقابلة أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة آنذاك.

لم يحقق أبو القعقاع ما كان يصبو إليه في أفغانستان، لكن ذلك لم يمنعه من التوجه نحو العراق عام 2002، أي قبل الغزو الأميركي، ثم عاد إلى سوريا ليحذر عبر خطبه مما يواجهه العراق.

كل هذه الشبهات والغموض الذي يحيط بالرجل دفع فريق عمل "الصنوق الأسود" إلى لقاء العقيد المتقاعد من المخابرات العسكرية السورية إبراهيم البيطار (أبو إياد) الذي أكد أن أبو القعقاع كان على ارتباط واتصال وثيق بالأجهزة الأمنية السورية التي قال إنها استخدمته "كنقطة تجميع".

وكشف أن أبو القعقاع كان يتقرب من كل الناس الذين كانوا يأتون إلى مسجده ويتعرف عليهم، ثم يقدم أسماءهم إلى المخابرات. كما كشف عن ارتباطه برئيس شعبة المخابرات اللواء حسن خليل، قبل أن يوكل أمره إلى اللواء ديب زيتون الذي يشغل حاليا مدير إدارة أمن الدولة.

تراجع
وبالعودة إلى الغزو العراقي، عاد أبو القعقاع من رحلة له إلى السعودية يوم 23 مارس/آذار 2003، وكان أول ظهور له بين أتباعه في مسجد العلاء الحضرمي، حيث جلس الجميع ينتظر منه الإشارة لإعلان الجهاد في العراق.

لكن ما قاله الرجل على المنبر خيّب الآمال، حيث دعا إلى التريث "حتى تتبين القضية وتتبين الراية والساحة ومن سوف يستفيد من دمائنا وأشلائنا"، وكان هذا الموقف مفاجئا لأتباعه.

ما تبين بعد ذلك أنه كان يدعم فصيلا معينا في العراق، وكان هذا الفصيل تابعا للمخابرات السورية، وهو ما ظهر جليا في الاتهامات التي أوردتها أجهزة الأمن العراقي آنذاك في مؤتمر صحفي عرضت خلاله اعترافات لأحد أفراد خلية أقر بأنه تلقى التدريب على يد أبو القعقاع.

وثائق واتهامات
من الوثائق التي توصل إليها فريق العمل بشأن هذا الرجل، وثيقة ضمن وثائق سنجار، وهي وثائق وجدتها القوات الأميركية في منطقة سنجار على الحدود السورية العراقية، وتضمنت أسماء مقاتلين عرب تطوعوا للقتال في العراق.

وفي خضم الاتهامات لأبو القعقاع بإرسال المقاتلين، صدرت في بدايات عام 2004 فتوى من جهة غير معروفة تطلق على نفسها "مركز خدمات المجاهدين" تضمنت اتهاما مباشرا لأبو القعقاع بأنه "خائن ومرتد ويتعامل مع الحكومة النصيرية الكافرة"، ودعت المجاهدين والسوريين إلى "ذبحه ذبح النعاج".

كانت هذه الفتوى وما تضمنته من تهديدات تشكل خطرا على أبو القعقاع، فخرج بعدها إلى دمشق لتبدأ مرحلة جديدة لم يكن أحد يتوقعها.

تحول جذري
تخلى أبو القعقاع عن لحيته ومظهره وابتعد عن المنابر، وأصبح يطلب من الناس ألا ينادوه بالشيخ بل "بالدكتور"، وتعرّف في هذه الفترة على الصحفي السوري إبراهيم الجبين وتوثقت علاقتهما.

حاول الرجل في هذه الفترة تبرئة ساحته من اتهامات موجهة له وللحكومة السورية بالإرهاب، عبر لقاءات إعلامية.

لكن ما كشفته حلقة "الصندوق الأسود" عبر وثائق اطلعت عليها، أن أبو القعقاع التقى أثناء وجوده في دمشق برجل يدعى إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي البدري، المعروف حاليا بأبو بكر البغدادي.

عاد القعقاع إلى المنابر من جديد في حلب الجديدة، لكنه انتقل إلى مرحلة الخطاب الجديد الذي يعني بالإصلاح الداخلي، وبدأ يعقد ندوات لبعض الفنانين، ويتحدث عن ضرورة الفن والموسيقى والرقص.

اغتيال
في يونيو/حزيران 2006 تعرض مبنى الإذاعة والتلفزيون السوري لهجوم، في محاولة للسيطرة عليه من قبل شباب صغير متأثر بخطب أبو القعقاع فاعتقله الأمن.

يقول إبراهيم الجبين إن أبو القعقاع كان يعلم بل كان متيقنا بأنه مستهدف وأنهم سيقتلونه، وبالفعل تم اغتياله يوم 28 سبتمبر/أيلول 2007 وظهر النظام السوري وكأنه بريء، وأن القضية صراعات بين تيارات إسلامية، لكن الجبين يقول إن المخابرات السورية هي من قتلته.

في أبريل/نيسان 2012 وبعد انطلاق الثورة السورية، صدر عفو عام بحق أكثر من 300 شخص نسبة كبيرة منهم كانوا من أتباع أبو القعقاع، وهو ما يفسره الباحث في الحركات الإسلامية عبد المنعم الحميدي بأنه محاولة لأسلمة الثورة وتحويلها من ثورة شعبية إلى ثورة ذات صبغة إسلامية متشددة وإرهابية، وهم يعلمون حق المعرفة أن هذه المجموعات ستلتحق بالعمل الجهادي.