صحيفة عربية تؤكد أن خدمة الديون تستنزف خزانة موريتانيا

أربعاء, 11/18/2015 - 20:17

العربي الجديد- 

تفاقمت معاناة الاقتصاد الموريتاني بفعل تراكمات الديون الخارجية التي لم تُسدد غالبيتها منذ سنوات لأسباب يقول مراقبون إن مردّها تقلبات الوضع السياسي وانتشار الفساد وسوء التسيير.
وتشكل أغلب هذه القروض التي دخلت مرحلة السداد بعد استنزاف موريتانيا لفترات السماح وحتى الإعفاء من الفوائد، عامل ضغط على الحكومة التي أصبحت في السنوات الأخيرة تخصص نسبة من الموازنة تتراوح بين 10% الى 15% لخدمة الدين، ما دفع المراقبين لإطلاق أجراس الإنذار للتحذير من أن استمرار تسديد هذه النسبة المرتفعة يضع الاقتصاد في دائرة ضيقة ويقضى على آمال التعافي المنشودة.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن موريتانيا دفعت لتسديد ديونها العام الماضي 33.53 مليار أوقية (100.7 مليون دولار) أي ما يناهز العشرة في المائة من مجمل الميزانية الموريتانية، وتشكل الفائدة نسبة %30 من المدفوع من الديون. وتبلغ نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الخام لعام 2014، ما يقارب 74% من إجمالي الناتج المحلي للدولة.
وتضاعفت مديونية موريتانيا خلال السنوات الأخيرة حيث ارتفعت من 2.6 مليار دولار عام 2008 إلى 4.25 مليارات دولار عام 2014 حسب البيانات الرسمية، بينما يؤكد الخبراء أن الديون تجاوزت عتبة 5 مليارات دولار إذ أُخذ في الحسبان القروض التي تغذت عليها الموازنة العامة خلال العام الجاري 2015.
ويقول خبراء تحدثت إليهم "العربي الجديد" إن موريتانيا لم تستفد كثيرا من الديون الخارجية بسبب ضعف أداء الإدارة وانتشار الفساد ونقص الخبرة، مما أدى إلى نتائج عكسية، حيث أصبحت الديون تشكل أبرز معوقات التنمية في البلاد. 

"
يحذر الخبراء من تأثير مشابه لما حدث في أواخر ثمانينيات القرن الماضي حين ارتفع الدين الخارجي إلى مستويات قياسية

"

ويقول الخبير الاقتصادي محمد محمود ولد محمد الأمين لـ "العربي الجديد": "رغم أهمية القروض المقدمة إلى موريتانيا والشروط الميسرة التي استفادت منها الحكومات المتعاقبة إلا أن التأثير الإيجابي لهذه القروض على الاقتصاد والتنمية يبقي محدودا".

وأضاف أن جميع الدراسات تؤكد أن غالبية الديون الخارجية لم تشكل إضافة كبيرة أو مساهمة حقيقية في تحفيز وتشجيع نمو الاقتصاد الموريتاني لأسباب عدة أهمها انتشار الفساد وسوء تدبير هذه القروض.
وأشار الأمين، إلى أن موريتانيا تواجه أزمة حقيقية تهدد تصنيفها الائتماني في العالم، بسبب تأخر سداد بعض القروض وتأخير دفعات الفوائد المتعلقة بقروض أخرى.
ويرى أن الحكومة لم تستغل الفرص المالية والاستثمارية الاستثنائية التي أتيحت لها العام الماضي حين سجلت الصادرات نموا ملحوظا وارتفع سعر الحديد في الأسواق العالمية، ويعتبر أن هذه الظروف كانت مواتية لسداد الديون المستحقة وإعادة جدولة ديون أخرى.
ويدعو الخبير الحكومة إلى التحكم في الديون الخارجية وإنشاء مصادر تمويل ذاتي للمشاريع وانتهاج سياسات اقتصادية صحيحة.
ويحذر الخبراء من تأثير مشابه لما حدث في أواخر ثمانينيات القرن الماضي حين ارتفع الدين الخارجي إلى مستويات قياسية آنذاك، وأثر سلبا على نمو الاقتصاد الموريتاني، حيث عاشت البلاد أزمة اقتصادية خانقة. وتعتمد موريتانيا على الديون الخارجية لإنعاش الاقتصاد وتمويل العجز في الميزانية.
ومن بين الديون التي تُثقل كاهل خزانة موريتانيا تلك التي تستحقها الكويت وليبيا والصين. وكانت موريتانيا تعوّل على الاستفادة من الإعفاءات الدورية التي تقوم بها المؤسسات الدولية، وتستفيد منها الدول الأكثر فقراً في العالم، لكن موريتانيا لم تستفد منها لأن غالبية هذه القروض تم توجيهها إلى قطاعات البنية التحتية، فيما تفرض معايير الإعفاءات أن توجه هذه القروض إلى قطاعات الصحة والتعليم.
(الدولار الأميركي يساوي 333 أوقية موريتانية)