كلمة أخيرة في الحوار السياسيّ المرتقب في موريتانيا/ أسلمو ولد سيدي أحمد

ثلاثاء, 10/20/2015 - 14:06

بتاريخ 01 سبتمبر 2015م، ومع انطلاقة أعمال اللقاء التشاوريّ الممهد للحوار الشامل، كتبتُ مقاليْن: أحدهما بعنوان: "رسالتي إلى الطبقة السياسية في موضوع الحوار وممهداته"، جاء فيه:

لا شك في أنّ المَخاض العسير الذي عرقل ميلاد اللقاء المنتظَر بين الموالاة والمعارضة، يعود-للأسف الشديد-إلى انعدام الثقة المتبادَلة بين الطرفين.

واليوم، وبالمختصر الذي أرجو أن يكونَ مفيدًا، فَإنني ألتمس من طبقتنا السياسية الموريتانية-كل باسْمه ووَسْمه-أن تتحمّلَ مسؤولياتها أمامَ التاريخ فيما قد يترتّب على إخفاقها في تنظيم هذا اللقاء الذي طال انتظاره، والذي تعلق عليه جماهير شعبنا آمالًا عريضةً.

 ومن المؤكد أنّ حَدَثًا- بهذا الحجم من الأهمية- يتطلب الحد الأدنى من الثقة المتبادلة، ومن حسن النيات بين الفرقاء السياسيين.

وفي 07سبتمبر 2015م، كتبتُ مقالا آخر بعنوان: "أفكار حول الحوار"، جاء فيه:

وتتلخص الأفكار التي ارتأيتُ أن أشارك بها في إثراء النقاش، في الآتي:

اختيار موضوعات الحوار بعناية تامة. وذلك في ضوء تجارب الماضي ومعطيات الحاضر واستشراف المستقبل.

 مع البدء بالموضوعات ذات الأولوية القصوى (أي البدء بالأهم فالمهم).

ومن هذه الموضوعات، دون أن أرتبها حَسَبَ الأولويات:

الحكامة الرشيدة، الهُوية، الوحدة الوطنية، الأمن، الاستقرار السياسيّ، التناوب السلميّ على السلطة بطريقة سلمية تحصّن البلد ضد التغييرات غير الدستورية، التنمية الاقتصادية، التعليم، الصحة، العدل، إلخ.

واليوم، وعلى الرُّغم من المساعي الحميدة الرامية إلى إقناع جميع الأطراف السياسية بالمشاركة في حوار شامل، فإنّ المؤشرات العامة لا توحي-للأسف الشديد-بأننا مُقبِلون على حوار تشارك فيه المعارضة التي يحلو لبعضهم أن يصفها بالمتشددة أو "الرادكالية". والمقصود هنا طَبْعًا، الكتلة المنضوية تحت اسم: "المنتدى الوطنيّ للديمقراطية والوحدة"، بصفة خاصة.

وفي ضوء هذا الواقع الذي لا يوحي بأننا قطعنا شوطا مهما في تقريب وجهات النظر بين "السلطة" و"المنتدى"، فإنّنا نلتمس من جميع السياسيين والمفكرين والمثقفين من أصحاب النيات الحسنة، أن يستمروا في مساعيهم الحميدة الرامية إلى تقريب وجهات النظر بين مكونات الطيف السياسيّ، عن طريق الدعوة  إلى تقديم التنازلات المفضية إلى إسهام  كل الفرقاء في الحوار المزمع تنظيمه، من خلال تبادل الآراء في كل ما يدور في خلدهم من قضايا تهم الوطن والمواطن، والاتفاق على الخطوط العريضة المتعلقة بإدارة شؤون البلد في أثناء الفترة المتبقية من المأمورية الرئاسية الحالية، والإعداد الجيد لما بعد هذه المأمورية الرئاسية الثانية والأخيرة (بنص الدستور).

ولا يفوتني، في هذا المجال، أن أذكّرَ بأنّ العبْءَ الأكبرَ من التنازلات المطلوبة-حاليا- يقع على عاتق طرفي المعادلة الأساسيين في هذا الموضوع، وهما: السلطة التي بيدها مقاليد الحكم في الوقت الراهن، والكتلة المطالبة بممهدات للحوار " المنتدى الوطنيّ للديمقراطية والوحدة".  دون إهمال العبء الذي يقع على عاتق الإخوة في "المعاهدة"، الذين يتفقون مع المنتدى-فيما يبدو-على الجانب المتعلق بممهدات الحوار، لكنهم مع ذلك يحاولون-مشكورين-أن يقربوا بين وجهات النظر المختلفة.

ومن وجهة نظري المتواضعة-وقد أكون مخطئا- فإنّ نجاح الحوار السياسيّ يتوقف على مشاركة المعارضة. بل إنني أذهب إلى التقليل من أهمية تنظيم حوار بمَن حضر، ما دامت مُخرَجات هذا الحوار لن تخرجنا من جو الاحتقان السياسيّ والتوترات والتجاذبات التي أنهكت البلد وأصابت المواطنين بالإحباط وبشيء من عدم الثقة في السياسيين، بصرف النظر عن الفريق السياسيّ الذي ينتمون إليه.

إنّ مصلحة الوطن تستدعي-في هذه الظروف الحسّاسة- حدا مقبولا من التوافق بين السياسيين.

ولا أعتقد أنني بحاجة إلى التذكير بأنّ مصلحة الوطن يجب أن تظل- دائمًا وأبدًا-فوق كل اعتبار.

حَفِظ الله بلادنا من كل سوء، وأعاننا جميعًا-حاكمين ومحكومين- على تجاوز كل العقبات، في سبيل تحقيق الأمن والرخاء للوطن والمواطن.

 وما ذلك على الله بعزيز.