أزاحت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الاسرائيلية الستار عن أدق التفاصيل الخاصة بقصف دولة الاحتلال الاسرائيلي على يد قواتها الجوية، المفاعل النووي العراقي، لأول مرة بعد مرور 34 عامًا على تلك الحادثة. العملية تمت في عهد الرئيس الراحل صدام حسين عام 1981 وفي عهد مناحم بيجين، كرئيسًا لوزراء اسرائيل على الجانب الآخر، وتشير الصحيفة إلى أنه حدث ما أسمته باللقاء الدراماتيكي (اجتماع سري) ما بين بيجين، وشيمون بيريز، الرئيس الاسرائيلي الأسبق والذي حينها كان زعيمًا للمعارضة الاسرائيلية، اتفقوا وخططوا فيه على خطة استهداف المفاعل النووي العراقي التي أطلقوا عليها اسم العملية (أوبرا). كيف تمت العملية أوبرا الخسيسة؟! ظهر يوم الجمعة 7 يونيو 1981 اجتمع رئيس هيئة اركان جيش اسرائيل مع الطيارين الثمانية الذين سينفذون المهمة باستخدام 8 طائرات حربية اسرائيلية كانت قد حصل عليها سلاح الجو الاسرائيلي من الولايات المتحدة الأمريكية، وحذرهم بأن بقاء اسرائيل في خطر ولن تبقى على قيد الحياة لو فشلت هذه العملية، ورغم ذلك وضعت ثلاثة سيناريوهات محتملة للضربة الجوية وهي إما: 1- النجاح الكامل. 2- النجاح الجزئي. 3- الفشل الكامل. الطائرات التي استخدمت بحسب – صحيفة يدعوت احرونوت- كانت اف 16، و اف 13، وانطلقت من قاعدة (عتصيون) العسكرية الاسرائيلية في مدينة طابا بشبه جزيرة سيناء التي كانت تسيطر اسرائيل عليها حينها. ثم عبرت الحدود السعودية في الخفاء، وحلقت على ارتفاع 150 متر وهو في عُرف العسكرية العالمية ارتفاع منخفض جدًا حينها، وحققت اسرائيل هدفها وعادت قواعدها بعد ساعتين، مجتازة الحدود السعودية والأردنية دون كشفها. والعملية لم تستغرق دقيقتين حيث أطلقت الطائرات الثمانية 16 قذيفة أصابت منها 14 هدفها بدقة لكن لم ينهار المبنى وتعرض لأضرار كبيرة جدًا. تفاصيل دقيقة تكشفها الصحيفة العبرية الطائرات انطلقت في الرابعة عصرًا من طابا ووصلت العراق في الخامسة والنصف، ثم عادت مرة أخرى لقواعدها في السادسة وأربعين دقيقة، وتم التخطيط لهذه العملية منذ عام 1974 حينما أنشأ صدام حسين منشأة نووية تبعد حوالي عشرين ميلًا من بغداد بمساعدة الحكومة الفرنسية حينها. علم الموساد الاسرائيلي بذلك وتخوف من قدرة المنشأة النووية للوصول للمستوى المطلوب من تخصيب اليورانيوم، وصناعة القنبلة النووية خلال 5-7 سنوات ورغم أن صدام بذل جهدًا للحفاظ على سرية عمله إلا أن صحيفة لبنانية كشفت عام 1975 عن نيته لإنشاء أول برنامج نووي عربي في الوقت الذي كان يحي اليهود ذكرى محرقتهم على يد الزعيم الألماني الراحل أدولف هتلر. وتحركت وسائل الإعلام المؤيدة لاسرائيل تهاجم صدام وتتهمه بأنه سيغرق اسرائيل في أنهار الدماء ويقضي على الدولة اليهودية، لذلك أجرى القادة الاسرائيليون عشرات الاجتماعات السرية في اواخر اغسطس 1978 لتحديد كيفية التعامل مع تلك القضية. وفي 6 أبريل عام 1979 وقع انفجار في مستودع تخزين بالمفاعل النووي العراقي، وكان وراء تلك العملية الموساد، وبعد مرور عام واحد من الحادثة وفي يونيو 1980 اغتيل العالم النووي المصري يحيى المشد الذي كان يعمل مع العراقيين في برنامجهم النووي. وعلى الرغم من الانفجار في مستودع تخزين بالمفاعل النووي العراقي الا انه استمر في العمل وبناه صدام في اكتوبر 1980 وحينها حصل الجيش الاسرائيلي على موافقة الحكومة للضربة العسكرية، بموافقة لجنة داخلية تتألف من رئيس الوزراء، ورئيس الاركان اسحق شامير، ووزير الخارجية.التحضير للضربة العسكرية للمفاعل اللجنة السرية كلفت الجيش والمخابرات الاسرائيلية بتقديم سيناريوهات محتملة للعمل العسكري ضد العراق، وحدثت الخلافات وأوصى بعض الخبراء بتأجيل الضربة العسكرية لسنوات قادمة، خوفًا من أن تقوم مصر بالغاء اتفاقية السلام التي تم توقيعها للتو مع اسرائيل على يد الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وتخوف بعض الخبراء من غضب الفرنسيين بعدما لعبت باريس دور كبير في بناء البرنامج النووي العراقي بعد توقيع الاتفاق النووي بينها وبين بغداد عام 1975 لكن بعد اتفاقية كامب ديفيد وفي7 يونيو 1981 خرجت المقاتلات الاسرائيلية من قاعدتها وذهبت شرقًا نحو العراق وشارك إيتان، نجل وايلان رامون، الذي أصبح بعدها أول رائد فضاء اسرائيلي ضمن طاقم مكوك “كولومبيا” الفضائي الأمريكي رئيس الأركان حينها، وعاموسيادلين، الذي أصبح بعد العملية رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، والعقيد أمير ناحوم ويفتاح سبيكتور، وحجازي كانز، ويسرائيل رييليك، وايلان رامون، الذي أصبح بعدها أول رائد فضاء اسرائيلي ضمن طاقم مكوك “كولومبيا” الفضائي الأمريكي. أمريكا تعاقب اسرائيل شكليًا أمريكا واسرائيل صديقتان مهما حدث وبعد تنفيذ العملية رفض رونالد ريجين، الرئيس الأمريكي الأسبق، تسليم اسرائيل 4 مقاتلات أخرى من طراز اف 16 لكنه وافق بعد ذلك لتعرضه لضغط من الكونجرس الأمريكي، وأصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 487 يدين الهجوم ويصفه بالانتهاك الواضح لميثاق الأمم المتحدة، ومعايير السلوك الدولي، وأيدت الولايات المتحدة الأمريكية القرار رغم ذلك لأن العراق كانت حليفًا أساسيًا في حرب أمريكا ضد إيران.
الساحة