لا شك أن السلطة الموريتانية، تبحث هذه الأيام عن أفضل طريقة لكسب قلوب الناس وتفادي مصير الأنظمة العربية، الموسومة اليوم بالتخوين والتجريم والمهددة جميعها بالسقوط من قمة الجبل إلي سفح الهوان وتجرع جزء من العلقم، الذي أذاقته لشعوبها.
"خبراؤها" سيبحثون قطعا عن أنجع أساليب القمع وأفضل طريقة لتضليل الناس ولتمويه الصورة، بحيث يصعب تمييز الحق من الباطل.
كل ذلك من أجل أن لا يحصل السقوط ولكي لا يجلس علي الكرسي، سوي من يشغله اليوم.. أما المواطن وهمومه والوطن وتحدياته، فليس لهم، سوي طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه علنا علي الأقل- فالله يتولي السرائر- مادامت آلية زوار اليل، أضحت ممجوجة ولم تعد مقبولة في الظرف الدولي الراهن.
وصفة ألفها حكام العالم الثالث وأسلوبا يحفظه الجميع عن ظهر قلب، والغريب أنه أثبت فشله وتكرس عمليا انعدام جدوائيته، لأنه ببساطة، مجرد حل أمني.
أما الأسلوب الأنجع والطريقة الأفضل، فلم يجربا من قبل هذه الأنظمة المأزومة، لثقتها في لغة الدوائر الأمنية ولأنها لم تتهجي عبر تاريخها، سوي مفردات هذه اللغة البائسة وحدها، وربما لأنها كانت أداتها الناجعة في تبوؤ مكانتها الحالية.
لذا سأتقمص شخصية:" فاعل الخير"، لأدلها علي جانب لم تألفه هذه الأنظمة ولم تتذوق بعد مزاياه:
أولا- ضرورة احترام كرامة المواطن والتعامل معه بعدل وإنصاف، بصفته مانح السلطة والوصي عليها.
ثانيا - عدم محاربة مواطنيها في رزقهم وفي قوتهم اليومي والعمل علي أن لا تشكل بطونهم وحاجات من يعيلون الهم الضاغط علي وعيهم ولا وعيهم.
وعندها فقط، يمكن أن نصف النظام القائم بأنه نظام وطني يستحق التبجيل والتوقير والتأييد، لأنه خدم الناس بحق، فاستحق أن يمكث في الأرض، بدون تكبد مصاريف أمنية باهظة ولتجنب سخرية البرامج الدعائية والإستغناء عن الحاجة إلي تزلف المتزلفين وتودد المنافقين.
أماعندما لايكون النظام قادرا علي احترام كرامة الناس وعاجزا عن توفير طعامهم والدواء لمرضاهم والتعليم لأبنائهم والأمن لعموم ساكنة وطنهم، فيجب عليه عندها أن لايتعب نفسه، أويضيع وقته، فهذه هي مفاتيح قلوب المواطنين وبدونها سوف يشتري الوهم،ليبيع الوعود.. والنتيجة، هي: قلق الرحيل، الذي قد يكون فجائيا وقد تستمر دورته الحتمية، التي يدرك الجميع أن ضرها أكثر من نفعها وأنها جحيم لا يستحق هذه التضحية المكلفة والباهظة الثمن.
بقلم/ محمد المختار ولد محمد فال