أجري موقع "النعمة اليوم" مقابلة مع الإطار الخبير المالي السيد ديدي ولد الوافي , ديدي ولد الوافي من مواليد 1969م في النعمة حاصل علي شهادة الماستر في المالية, وشهادة الليصانص في المالية والبنوك, وله تجربة عملية كبيرة في القطاع الخاص, وباحث ومتهم بشؤون الثروة الحيوانية, كما أن له كتابات عديدة في
القضايا المتعلقة بمشاكل التنمية في الحوض الشرقي.
وفي مايلي نص المقابلة
:
سؤال:صادق مجلس الوزراء المنعقد في يوم 19 فبراير 2015 علي مشروع مرسوم يقضي بإنشاء شركة تدعي الشركة الموريتانية لمنتجات الألبان في ولاية الحوض الشرقي ، وذكر المرسوم أنها ستزاول أعمالها في الأشهر القليلة القادمة، انطلاقا من مدينة النعمة، ماهي من وجهة نظركم الفائدة المتوخات من هذا المصنع محليا ووطنيا ؟
جواب: قبل الجواب علي سؤالكم لاشك أن الجميع كان ينتظر وبفارق الصبر هذا الإعلان ,الذي يعتبر البداية الفعلية لانطلاق إحدى المكونات الأساسية لمشروع كبير وطموح تعهد به رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز لساكنة ولاية الحوض الشرقي منذ بعض الوقت، وللتذكير فالمكونات الأخرى المتمثلة في مصنع للجلود ومسلخة عصرية ومصنع للأعلاف لا تقل أهمية عن مصنع الألبان موضوع حديثنا اليوم، بل إنها مكملة له .
بخصوص سؤالكم الفوائد المنتظرة من هذه المنشأة ، ينبغي التذكير أولا بأن اقتصاد الولاية يرتكز أساسا علي التنمية الحيوانية بالدرجة الأولي إضافة طبعا إلي الزراعة المطرية (الموسمية)، لذلك يعلق السكان هناك آمالا كبيرة علي هذا المصنع الذي ينتظر منه استغلال فائض منتجات الألبان وطرحها في السوق الوطنية - في مرحلة أولى بعد عمليات البسترة والحفظ ألازمتين لذلك، فبالإضافة إلي المنافع التي يتوقع أن يجنيها المنتجون المحليون جراء تزويدهم للمصنع ، يتوقع أن تدخل علي الخط بعض الأساليب الحديثة المتعلقة بالتربية الحيوانية وهو ما سيحسن من أساليب الإنتاج الأمر الذي سيزيد من مردود الثروة الحيوانية وبالتالي زيادة دخول الناس وتحسين ظروفهم المعيشية الأمر الذي سيكون له أثر كبير في وقف الهجرة من المراكز الريفية إلى المراكز الحضرية.
كما أن هذ المشروع سيساعد وبلاشك في الحد من البطالة عبر التوظيف المباشر والفرص التي ستخلفها الأنشطة الملحقة بالمشروع ، من مستخدمين ووسطاء وناقلين وغيرهم .
سؤال: هل المنتجين المحليين قا درين علي توفير الكمية المطلوبة من الألبان؟
جواب: يقال إن طلب المصنع اليومي سيكون في حدود الثلاثين ألف ليتر من الألبان ، وهو حجم ليس بالقليل في ظروف إنتاجية تتميز بالبدائية وتعتمد علي أساليب الإنتاج التقليدية من رعي وعلاج ..... الخ.
إنه من الوارد أن نذكر هنا بأن المصنع في حد ذاته ليس غاية بقدر ماهو وسيلة لعمليات تحويلية دائمة ، وبالتالي فالموضوعية تقتضي أن أقول بكل صراحة إن عمليات الإنتاج بشكلها الحالي وفي ظروفها المعروفة لا يمكنها أن تلبي متطلبات مصنع بالحجم الذي ذكرنا.
لقد بات من الملح أن تقوم الجهات المعنية بإ جراءات مصاحبة ضمانا لنجاح المشروع وديمومته، وإلا فإن الفشل – لا قدر الله – سيكون هو مصيره.
سؤال: ماذا تقصدون بالإجراءات المصاحبة؟
جواب: المقصود بالإجراءات المصاحبة لإنطلاقة المشروع هو سلسلة من التدابير الهادفة لمساعدة المنتجين المحليين علي تغيير عقلياتهم وتحسين مستوي إنتاجهم ، ولن يتأتي ذلك إلا عبر:
- تثبيتهم قرب نقاط التجميع القريبة من المصنع ، إذ لا يعقل أن تظل عملية الانتجاع كما كانت، وتلك عملية تتطلب موارد مالية كبيرة لتمويل الأعلاف واللوجستيك وغيرها .
- زيادة نقاط التجميع ، فالمراكز ألمعلنه حتى الساعة لا تكفي، صحيح أن قرب المركز من المصنع مسالة في غاية الأهمية ، إذ أن أقصي فترة مسموح بها لنقل اللبن في الظروف الحارة هو أربع إلي ست ساعات، لكن المراكز المعلن حتي الساعة لن تستطيع أن تفي بالمطلوب.
لقد تم تجاهل مناطق جنوب شرق النعمة، حيث الكثافة الحيوانية مثل ( التامرت والعجنه) وغيرهم كثير.
- القيام بعمليات تعبئة وتحسيس كبيرة في صفوف المنتجين بغية بث ثقافة تحسين الإنتاج بين صفوفهم، والرفع من إمكاناتهم المادية عبر آليات تمويل تلائم حاجاتهم وظروفهم.
- مباشرة زراعة المناطق الرطبة ( محمودة- التامورت وغيرهما) بالأعلاف الخضراء كعلف مكمل وضروري للعملية الإنتاجية.
- إنشاء مراكز نموذجية في مجال التربية الحيوانية بغية عصرنة القطاع ، جنبا إلي جنب مع مراكز بحثية في ذات المجال.
سؤال: ما هي الآلية التمويلية التي تقترحونها وكيف يتم ذلك ؟
جواب: أعتقد أن التمويل في المرحلة الأولي لن يتم إلا عن طريق الدولة، ذلك أن الخواص ( البنوك وغيرها) لن يخاطروا في هذه المرحلة علي الأقل، والتمويل عن طريق الدولة لن يتم إلا عبر آليتين :
إما أن توكل المهمة للمصنع نفسه ويتولي تمويل المنتجين علي أن يقتطع منهم مبالغ بسيطة في المراحل الأولي علي غرار تجربة مصنع تيفسكي مع منتجي روصو وماجاورها.
وإما أن تستخدم الدولة إحدي أذرعها في هذا الميدان ( صناديق القرض والإدخار أو صندوق الإيداع والتنمية)، علي أن يتم ذلك عبر آليات يتم التوافق عليها.
سؤال: هل من كلمة أخيرة ؟
جواب: فقط ، أقول إن تشييد المصنع هو إنجاز كبير، لكنه ليس هدفا وإنما هو غاية لتحقيق التنمية في الولاية من خلال مكننة مواردها التي مازالت تدار بأساليب غاية في البدائية، وهنا أذكر السلطات المعنية بأن الطريق مازال طويلا، فبدون الإجراءات المصاحبة التي ذكرت ، لا معنى لتلك المنشأة .
من جهة أخري أدعوا السكان للتشمير عن سواعدهم و الانتظام في جمعيات وتعاونيات حتى يتسنى لهم تحقيق مصالحهم بيسر ، وحتى يتسنى للشركة سهولة التعامل مع ز بنائها الجدد.
"النعمة اليوم "شكرا لكم