تفاجأنا في الهيئة الوطنية للمحامين اليوم ببيان صادر عن " نادي القضاة الموريتانيين" تحامل فيه بأسلوب فج على الهيئة وجاء مبطنا بالتهديد و الوعيد، حاول دفع الرأي العام إلى تحميل نقيب المحامين وهيئتهم المسؤولية عن شطط وتعسف رئيس الغرفة الجزائية بمحكمة ولاية نواكشوط الغربية الذي نتج عنه حادث طرد النقيب وأعضاء هيئة الدفاع بالقوة من جلسة هذه المحكمة المنعقدة بتاريخ 17/12/2015.
ونظرا لما تضمنه هذا البيان من مغالطات وتلفيقات متعمدة وتشويه للحقائق، نري أنه من الضروري أن نبين للرأي العام ما يلي:
أن سلطات رئيس المحكمة في ضبط وتسيير الجلسات حددها المشرع حصرا ولا ينبغي أن تكون محل جدال. غير أنه من الثابت قطعا عدم شمولها لتحديد مكان جلوس المحامين حسب مركزهم القانوني داخل القاعة، ولا لارتداء المحامي لبذلة عصرية تحت بذلة المحاماة،أو منع محامي الدفاع من طرح الأسئلة على المتهم. وهي الأمور التي دأب القاضي المذكور عليها في أكثر من مناسبة.
أن هذا القاضي ، وتأسيسا على فهم سقيم ومتعسف لسلطات مقيدة بنص صريح سبق وأن قام بطرد محامين بسبب عدم ارتدائهم بذلات عصرية تحت زي المحاماة. كما انسحب الدفاع عن قاعة محكمته بسبب منعه لهم من طرح أسئلة على المتهمين وقاطعوا جلساته قبل أن يتبين شططه وغلوه ويتراجع عن ذلك.
اليوم ، يكرس هذا الشطط و الغلو- من جديد- في محاولة فرض المحامي على الجلوس في ركن محدد داخل القاعة تبعا لمركزه القانوني مهما تعدد هذا المركز بتعدد ملفاته، الشيء الذي يحمل في حد ذاته إخلالا بنظام الجلسة و يشكل توسعا غير مبرر في تفسير نص واضح وجلي.
إن تفسير هذا القاضي للنصوص التي تحكم نظام الجلسة كان ينبغي أن تعمل به كافة المحاكم إن كان مؤسسا ، وأن لا ينفرد به دون غيره من القضاة وكأنه الأكثر فهما و الأشد حرصا على التطبيق السليم للقانون.
لقد حاول البعض من خلال هذا البيان ركوب الموجة واستغلال الفرصة بغية تحقيق أغراض شخصية آنية وفي ظرفية خاصة ، ويشهد على ذلك عدم تحركه في السابق عندما تمت الإساءة و التعريض بالقضاة فعلا لا توهما، وتعرضوا للفصل و التأديب تعسفا و للسجن ظلما ، وحين لم يكن لهم من ظهير أو سند سوى الهيئة الوطنية للمحامين التي يعود لها الفضل أصلا في تحقيق جل المكاسب و الامتيازات المعنوية و المادية التي يتمتع بها -عن استحقاق- القضاة اليوم.
إن هيبة القضاء واحترام المحاكم لا تعني إطلاقا التغول و الشطط ولي أعناق النصوص القانونية تمشيا مع رغبات شخصية دافعها الأساس النرجسية و تضخم الأنا و التظاهر أمام العامة بإحكام السيطرة على المحامين وتقزيمهم بدون وجه حق وخلافا لأحكام القانون و الأعراف و التقاليد القضائية المتبعة في كافة المحاكم.
إن لغة هذا البيان وما حملته من تهديد للمحامين وسخط عليهم يجعل أصحابه غير مؤهلين للبت بنزاهة وحياد في ما يعرضه عليهم المحامون من ملفات، مما يستدعى منهم عزل أنفسهم عن تلك الملفات و التخلي عنها، احتراما للقانون.
إن الهيئة الوطنية للمحامين كانت وستبقى- بإذن الله - حصنا منيعا ومناديا أصيلا بضرورة احترام القانون واستقلال القضاء ،هكذا ديدنها لعقود مضت ، ولا تزال على ذلك النهج، وليست بحاجة إلى تلقي دروس في القانون وفي مبدأ استقلال القضاء من ناد وليد كان الأولى به توجيهها لمنتسبيه و العمل على ان يطبقوها في القضايا و الملفات المعروضة عليهم.
{إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ ۖ وَإِن تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } ..صدق الله العظيم
مجلس الهيئة