سنوات خمس مرت، أو بالكاد، على بداية حقبة جديدة من تاريخ هذه المنطقة، وهي حقبة من التحولات المختلطة في أسباب حصولها، المعقٌدة في صيرورتها، المتنقٌلة جغرافيا كالعدوى، المأساوية في كثير من إسقاطاتها الإنسانية. كُتب عنها الكثير وتعددت في تفسيرها النظريات. ولن أتمكن طبعاً من معالجتها بصورة إجمالية، بل سأكتفي بإسهام، أقرٌ مسبقا بجزئيته، عن تطورها الراهن، وعن مآلها.
وأول الاسئلة التالي: هل إن المنطقة العربية ضحية مؤامرة كما قرأت وسمعت، وإن كان الأمر كذلك، فهي مؤامرة من ضد من ولأي هدف؟ يقيني أن ما هو حاصل لا يمكن البتة اختزاله في نظرية تآمريه، ولكنه لا ينفيها بالكامل. فالمنطقة تشهد تفجّراً ذاتيا لعوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية وايديولوجية تعتمل فيها منذ سنوات طويلة، وهي ليست بالضرورة حكرا عليها. لكن موقع المنطقة المميز في السياسة الدولية كان من شأنه أن يدفع عددا من اللاعبين الاقليميين والدوليين للسعي للاستفادة منها، إن للدفاع عن مصالحهم او لتمرير مشاريعهم. ومن الضروري بالتالي عدم الوقوع في علاقة سببية مقلوبة رأسا على عقب من خلال النظر الى محاولات اللاعبين الاساسيين التأقلم مع تحولات المنطقة أو حماية أنفسهم من تداعياتها، أو الاستفادة منها ما استطاعوا، وكأنهم هم من أنتجها بالأساس.
وفي أسباب اندلاع الاحداث الجارية في عالمنا العربي اولا وصول النظم التسلطية فيه الى نوع من الضعف بل من الإنهاك. فمنطقتنا بقيت عصيٌة على ما يسمى بـ “الموجة الديموقراطية الثالثة” التي انطلقت من جنوب اوروبا في منتصف السبعينيات، وانتقلت منها الى اميركا اللاتينية، ومنها الى اوروبا الوسطى والشرقية والى عدد من الدول المتفرقة في القارات الاخرى. وأدت هذه الموجة الى وضع غير مسبوق في التاريخ العالمي، وهو ان أكثرية دول العالم انتقلت من أنواع عدة من الإستبداد الى مزيج من التعددية السياسية ونظام السوق الاقتصادي، مدفوعة بمحركٌات عديدة، منها حركة العولمة المالية، وانتهاء الحرب الباردة والاستقطاب الثنائي الذي صاحبها، وثورة تكنولوجيا الاتصال الهائلة. وكانت النتيجة، مع انتهاء القرن المنصرم، أن نحوا من 120 دولة من أصل 193 باتت تعتبر، الى هذا الحد او ذاك، دولا ديموقراطية. غير أن المنطقة العربية بقيت يومها خارج هذا التحوٌل لدرجة أن عديدين كتبوا المؤلفات عمٌا أسموه بـ “الإستثناء العربي” لتفسير بقاء مجتمعاتنا خارج الحركية الديموقراطية العالمية. ويمكن بالتالي اعتبار ما سمي بـ “الربيع العربي”، وكأنما للإيحاء بتأخر موسمه، نوعاً من الإرتداد المتأخر لتلك الموجة، يؤدي الى التحاق منطقتنا المتعثر بركب حركية الخروج من التسلٌط. ومن سخريات القدر أن تلتحق حركة الاحتجاج العربي بالموجة العالمية في الوقت الذي تشهد فيه تلك الموجة نوعا من التباطؤ، بل من الانحسار، مع عودة اشكال متنوعة من الإستبداد والتسلط الى دول كانت تبدو وكأنها تسير قدما في طريق التعددية السياسية. كما ان من العلامات الفارقة، لاسيما في مصر واليمن وليبيا، أن الاحتجاج على التسلط، وكان خافتا لعقود من الزمن، لم يتفجٌر فعلا إلا يوم تيقن الجميع ان الحاكم هو فعلا بوارد توريث الدولة لأحد أبنائه وكأنها ملكه الخاص. يومها، انفضٌت عن الحاكم شريحة واسعة من النخبة التي كانت تؤيده، لاسيما في الجيش، وتركته يواجه المتظاهرين بنفسه ومع افراد حاشيته الأقربين، بل أن جزءا منها التحق بموجة الإحتجاج.
ومن أسبابها، ثانياً، رهان عدد من الانظمة العربية التي سعت للاستفادة من الانفتاح الاقتصادي على سيرورة العولمة لتعزيز التجارة واستقطاب الاستثمارات والسياحة، من دون التنبه إلى أن الانخراط في السوق العالمية لا يمكن له ان يبقى دون إسقاطات على اوضاعها السياسية، كمثل فقدان تدريجي لقدرتها على التحكم باقتصادها الوطني، أو ضرورة احترام القواعد المعروفة في عمليات الخصخصة، أو التأفف الشعبي الطبيعي من سياسات رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية، او مخاطر استئثار اصحاب السلطة بمقدرات الاقتصاد، او أثار القبول بقواعد “صندوق النقد” و “منظمة التجارة” وغيرها من المؤسسات المانحة للقروض على السيادة الوطنية. بهذا المعنى، فإن الحراك الراهن انتفاض ضد سوء توزيع الثروة المستجدٌة بقدر ما هو احتجاج على التفرد بالحكم. من هنا ما سمعنا في غير تظاهرة من مناداة الناس للحكام قائلين: “او إمارة او تجارة”، بمعنى رفض تحويل مواقع الحكم الى وسيلة لإثراء الحكام وأقاربهم ومواليهم.
السبب الثالث هو هذه الثورة التكنولوجية التي اندلعت منذ نحو عقود ثلاثة، وما زلنا نعيش في خضمٌها، وهي تنتج من المفاعيل السياسية والاجتماعية في أقل من جيل واحد ما هو أعمق وأوسع مما كانت الثورة الصناعية قد أحدثته في أكثر من قرن. وتجعل هذه الثورة المتسارعة في وسائل الاتصال التعبئة الشعبية أكثر يسراً وانتقال المعلومة أسرع وأبخس ثمناً بمعنى ان تظاهرة حاشدة قد تبدأ بتغريده واحدة على “تويتر”، وان فضيحة كبرى قد تنتشر كالنار في الهشيم بجملة او اثنتين على “فايسبوك”. وبات إبداء الرأي متاحا للعموم لا للنخبة فحسب، فتزايدت الفتاوى والآراء والدعوات من دون رقيب، وغالبا دون تفكٌر أصحابها بمفاعيل مواقفهم. كما انتجت تلك الثورة حالات من التواصل والتفاعل والتضامن العابر للحدود بين افراد وجماعات يدينون بالدين او بالمذهب او بالتيار الفكري نفسه، على حساب احتكار الدول السابق لمجالات الفكر والثقافة تتحكم بمضمونها كيفما شاءت. وانتقلت عدوى تحدي الأوضاع القائمة مع تحول التواصل للتماثل بمعنى استعارة الشعار والنشيد والآليات من بلد لآخر. وفتحت الثورة التكنولوجية المجال رحبا امام حركات الإسلام السياسي بالذات وكانت قواه قبلها مكبوتة ومحاصرة، فتفجرت من عقالها وتمكنت من الاستيلاء السريع على القسم الأكبر من السوق الفكرية والسياسية العربية.
وللبيئة ايضا دور لا يستهان به في اندلاع ما سمي بـ “الربيع العربي”، لاسيما في انكسار حاد للتوازن السابق بين النمو الديمغرافي والموارد المتاحة. ونرى أمثلة فاقعة على ذلك في مصر، حيث أدى التكاثر السكاني الى ازمات معيشية واسكانية خانقة، وفي سوريا حيث وصل النمو الديمغرافي الى أعلى مستوياته العالمية خلال العقود الأربعة الماضية، وحيث اندلعت النزاعات المحلية بسبب نقص المياه في منطقة الجزيرة وأدت الى تهجير طال أكثر من ٣ ملايين سوري في السنوات التي سبقت الازمة. ووصلت العوامل البيئية الى حدها الاقصى في بلد مثل اليمن حيث يصل التناقض بين الانفجار السكاني والموارد الطبيعية، لاسيما المائية، المتاحة الى حده الأقصى. ومن المنطقي القول إن هذه المعطيات الأساسية لن تتغير في حال التوصل لحل سياسي ثابت في أي من هذه البلدان.
وكان للنفط دور مهم أيضا، إذ إن ارتفاع أسعار النفط والغاز خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين أدى الى فوائض هائلة ضاعفت من قدرة الدول النفطية على التأثير في مجريات الامور داخل الدول الأخرى، بينما أفقد الدول العربية المستوردة الكثير من امكانياتها المالية، مما جعل التناقض صارخا بين الامكانيات المتاحة للدول النفطية وبين جاراتها، فاتحة امام الأولى جادات واسعة للتأثير في مضامين السياسة وفي قرارات الجامعة العربية. وقد يلعب انهيار أسعار النفط الذي نشهده الآن، والذي لا يبدو انه على وشك أن يتوقف قريبا، دوراً جديداً معاكساً في إضعاف الدول النفطية من خلال حرمانها من الاداة الاساسية لنفوذها الداخلي والإقليمي، بحيث يمكن ان نتصور أن تمتد شرارة الاحتجاج اليها.
إنها إذاً تحولات تضرب عميقا في نسيج المجتمعات العربية بحيث يصعب اختزالها في قراءة محض سياسية أو تآمريه. والحق يقال إن هناك نوعاً من العلاقة الجدلية قد نشأت بسرعة بين الاضطرابات الداخلية والتدخلات الخارجية، فراحت الاضطرابات تستدعي التدخلات، وباتت التدخلات تغذي الاضطرابات. ويصعب بالتالي التصور بأن قراراً اتخذ في مكان ما من العالم لتفجير المنطقة. ويصعب علينا أخيراً، وهذا أكثر أهمية، التصور بأن الحلول السياسية للأزمات الراهنة، ستكون كافية لمعالجة مسبباتها العميقة، ولو أن السعي للتوصل لهذه الحلول ضروري دوماً لتخفيض نسبة العنف وللعودة بالمجتمعات الى حال من السلم الاهلي، ناهيك عن أن حالة الاحتراب تفاقم بدورها من حدة تلك المسببات، إن بسبب كلفة الحروب الباهظة أو بسبب تغليب المساعدات الانسانية الطارئة على الحاجات التمويلية ذات الطابع التنموي. لذلك يغلب الشعور بهشاشة الأوضاع القائمة، لا في الدول التي ما زالت تعيش في خضم هذه الاضطرابات مثل ليبيا وسوريا واليمن فحسب، بل أيضاً في تلك التي تبدو وكأنها استعادت بعضا من الاستقرار مثل تونس ومصر، بل في دول أخرى تمكنت حتى الساعة بالنأي بنفسها عن هذه الاضطرابات.
تضافرت هذه العوامل لإحداث تحركات شعبية حقيقية. لكن وضع المنطقة الحساس كان لا بد أن يدفع مختلف القوى الخارجية للتأثير في مجرياتها. وإن كان لا بد من تلخيص ما يجري على هذا الصعيد، لقلت إنه نوع من أقلمة للأمن يرافق عولمة للاقتصاد. فاقتصاديات المنطقة باتت جزءاً من السوق العالمية، ولكن امنها بات اكثر تأثراً بدول الجوار.
ذلك ان ما يميز الحقبة الحالية برأيي هو ضعف نسبي لتأثير الدول الكبرى مقابل تنام ملموس في تأثير الدول الإقليمية. أسمع انتقادات واسعة لتخبط أوباما في القضايا التي تعنينا، ولكني أرى على العكس ان منهجه واضح وهو انه يريد للولايات المتحدة ان تتجنب التدخل، لا سيما العسكري منه، وقدر الإمكان، في شؤون هذه المنطقة. وهو يرى أن بلاده لم تعد تحتاج نفط المنطقة وأن روسيا، عدو الأمس، عاجزة عن التحكم بمصيرها، وأن إسرائيل ابتزت اميركا بصورة كافية، وان على حلفاء اميركا التقليديين ان يتدبروا أمورهم بأنفسهم من دون توريط بلاده كما في السابق. وهو يرى أيضا، وهذا أهم، أن بلاده خاضت حروبا مكلفة وبالنهاية عقيمة، إن لم تكن ذات مردود سلبي، أيام سلفه، لاسيما في العراق وأفغانستان، بينما سيذكر التاريخ أنه ما تدخل في ليبيا الا والأوروبيون أمامه ولفترة محدودة، ولم يتدخل مباشرة في سوريا والعراق الا بعد استفحال أمر “داعش”، بينما تمكن من تجنب حرب جديدة مع إيران من خلال التفاهم على برنامجها النووي. وهو يرى أخيراً أن المصلحة القومية لبلاده مهددة في آسيا أكثر مما هي في منطقتنا، ومن هنا مقولته بالتوجه نحو الشرق الأقصى. كل هذه الاعتبارات معلنة ومكررة وينبغي اعتبارها نوعاً من العقيدة برغم رفض خصوم أوباما في الولايات المتحدة لها، ومن عجز أعداء أميركا عن تصديقها ومن تأفف حلفاء واشنطن في منطقتنا منها. ويبقى السؤال قائما: هل إن أميركا، بعد مغادرة أوباما للبيت الأبيض، ستقوم بإقفال هذا الفاصل الإنكفائي أو أنها ستستمر به؟ وحدسي أن الإنكفاء عن حروب العالم الساخنة ما زال بالعموم يلقى دعما في الرأي العام الأميركي برغم الخدوش العميقة التي الحقها به توسع الظاهرة الداعشية والتدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا حيث ازدادت الضغوط على أوباما لمزيد من التدخل المباشر في سوريا والعراق، برغم تمنعه الجازم عن ذلك طيلة السنوات الخمس المنصرمة.
ويترافق انعدام الرغبة عند الأميركيين مع تقلص القدرة عند غيرهم من دول الغرب. فالنظام الدولي الذي أنشأه الغرب تدريجيا طوال نحو خمسة قرون يتآكل اليوم امام ناظرينا من دون أن يحل مكانه توافق حقيقي بين الدول الصاعدة على ماهية نظام عالمي بديل. نحن في نوع من الغسق تتراجع فيه انوار الغرب، بالمؤسسات والقيم والقواعد التي نشرها في العالم، من دون أن ينبلج صباح آخر. فالصين منهمكة في تدعيم موقعها في جوارها، وروسيا تتصرف أساسا كقوة اقليمية في اوكرانيا والقوقاز وفي منطقتنا أيضا باعتبارها مجاورة لروسيا ولها فيها مصالح وتلمس فيها مخاطر على أمنها الوطني، بينما تسعى دول كالهند والبرازيل ونيجيريا واندونيسيا وإيران، وبصعوبة بالغة، وبعدد من الإخفاقات، إلى بناء المقومات الذاتية الضرورية لتكوين أقطاب جديدة. من هنا هذا الشعور بأفول المعادلة الدولية التي كان الغرب مهندسها الأول من دون أن تتضح معالم معادلة جديدة.
ومن الطبيعي التوقف بالذات عند روسيا، لاسيما بعد انخراطها المباشر في الحرب السورية. هناك طبعاً روسيا الساعية لاستعادة بعض ما فقدته في ربع قرن بسبب التراجع الحاد في قدراتها، لكن قادتها من الواقعية بقدر كاف لعدم تصور العودة الى نظام دولي ثنائي القطب كما كان الأمر عليه قبل 1989. ويمكن القول ان الصين تحاول تعزيز هيمنتها على جوارها المباشر كخطوة تمهيدية ضرورية على طريق التحول إلى قوة عالمية، بينما تسعى روسيا لتعزيز موقعها في محيطها المباشر كتعويض عن موقع دولي سابق لا تتوهم أن لها القدرة على استعادته. ويُنظر إلينا من موسكو بوصفنا جزءاً من هذا الجوار، بمعنى أن منطقتنا مصدر مخاطر كما هي مساحة فرص أمام روسيا، مثلها مثل دول أوروبية عريقة، وعلى خلاف الولايات المتحدة أو الصين وكلاهما ليستا على تماس مع منطقتنا. من هنا سعي موسكو الحثيث لتدعيم موقعها في سوريا والانفتاح على مختلف دول المنطقة مثل مصر والعراق او حتى دول الخليج. ومن سخريات القدر أن موسكو، على عكس ما كانت عليه الأمور خلال الحرب الباردة، باتت تعتبر نفسها حامية للأنظمة القائمة بينما تتهم الولايات المتحدة بلعب دور مباشر في تشجيع التحركات الإحتجاجية وفي زعزعة الأنظمة، وهو كلام بات يلقى صدى في معظم عواصم المنطقة. ومن سخرياته أيضا أن موسكو باتت تصور دورها كحام للأقليات في منطقتنا، بينما هي تأخذ على فرنسا وعلى غيرها من دول الغرب تخليها عن هذا الدور وتغليب مصالحها التجارية على أي اعتبار آخر مما يدفعها الى مسايرة للعنصر “المسلم السني” في مختلف دوله.
وتشكل المنظمات الدولية جزءاً مهما من إرث المرحلة السابقة من السياسة العالمية. كان يمكن أن نتصور الامم المتحدة وهي تواكب بنجاح هذا العبور الواسع من نظام دولي إلى آخر، ولكن أحلام سنوات ما بعد الحرب الباردة قد اندثرت إلى حد بعيد، والأمم المتحدة عاجزة اليوم عن لعب دور الحاضنة لاستبدال نظام عالمي بآخر. لديها أولاً صعوبة عضوية في التعامل مع النزاعات الاهلية المندلعة هنا وهناك، وهي التي نشأت لمعالجة الحروب بين الدول لا في دواخلها. ولديها أيضاً صعوبة في ايجاد التمويل الكافي لعمليات السلام كما للوكالات الاغاثية الملحقة بها او المنبثقة عنها. وطرأت أمور حديثة عليها فاقمت من عجزها كعودة التوتر للعلاقة الروسية مع الغرب الذي كان له التأثير الواسع على عمل مجلس الامن الدولي، فارتبك تنفيذ قراراته عن ليبيا وسط تفاسير مختلفة لتلك القرارات، وظهر عجزه الفاقع في الحالة السورية، ناهيك طبعاً عن قيادة أممية لا تحظى بكثير من الهيبة والاعتبار، لدرجة أن “مؤتمر فيينا” عن سوريا كاد ان ينعقد بغياب أي ممثل للمنظمة الأممية حتى اللحظة الأخيرة.
أدى كل هذا إلى نوع من الوضع المتناقض يترافق فيه اندماج المنطقة في آليات العولمة المالية والاقتصادية مع تعاظم دور الدول الإقليمية الأمني والسياسي. كانت إيران سبٌاقة في هذا السياق. الواقع أن هناك أكثر من إيران واحدة. هناك دولة قومية وارثة لإمبراطورية مالت تقليديا، وما تزال، للتوسع في محيطها، وهناك إيران الدولة الشيعية المذهب الساعية للاستفادة من وشائج المذهب لتعبئة الأنصار على طول الخريطة الشيعية، وهناك إيران الثورة الاسلامية التي تسعى للتحكم بمسار الاسلام السياسي على اختلاف مذاهبه، وهناك إيران الطامحة بدور عالمي يسهم بصياغة مرحلة ما بعد تفوق الغرب. في مطلع الحقبة الراهنة، توهمت إيران، وعلى اعلى مستوياتها، أن ما هو جار يسير لمصلحتها من كل الجوانب بل بادر مرشدها الى نعت الحقبة الراهنة بـ “الربيع الإسلامي” تأييدا له بل وتحريضا عليه. لكن انتقال العدوى من تونس ومصر وليبيا الى العراق وسوريا واليمن جعلها تشعر بالارتباك فانزلقت الى قراءة اضيق تغلب فيها الاعتبارات المذهبية على حماسة عابرة لـ “ربيع” باتت ترى مخاطره عليها أعظم من وعوده.
أما تركيا فقادتها دخلوا باكرا في وهم مشابه كلٌفنا وبات يكلٌفهم ايضا الكثير. التقت نظريات داوود اوغلو الاستراتيجية مع طموحات اردوغان الشخصية ومع جهود الاقتصاد التركي التصديرية لإنتاج “نيو ـ عثمانية” نشطة دخلت المنطقة أولا من بابها الاقتصادي قبل ان تسعى لإعادة انتاج النسق السياسي والايديولوجي العربي بمضمون مذهبي وحزبي واضح، لا سيما من خلال التعاون مع حركة “الإخوان المسلمين”. لكن رياح المنطقة سارت بما لا تشتهي سفن تركيا فعزل “الإخوان” عن حكم مصر وتعثر مشروع اسقاط النظام السوري كما العراقي وتفجرت ليبيا بل تغلغلت الفئوية مجددا للداخل التركي الأكثر تعقيداً مما يعتقد اثنيا ومذهبيا. كان بالتالي على انقرة ان تحذو حذو طهران فتعيد صياغة مشروعها لتغلب المذهبي فيه على السياسي، وهي ما تورعت عن ذلك فعلا وهي مستمرة به بعد الجزلة الإنتخابية الأخيرة.
أما إسرائيل فكانت تغرٌد كعادتها خارج السرب. من الطبيعي أن تشعر النخبة الإسرائيلية بالارتياح من تقوض قوة عدد من الدول العربية كما من تقارب عدد آخر منها مع تل أبيب، ناهيك عن الهبوط الدراماتيكي في الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية بين عموم العرب. لكن القول بأن إسرائيل هي المستفيد الوحيد من هذه التحولات ينطلق من وهم شائع أن الدول العربية كانت، قبل أن تندلع هذه الأحداث، تقف وقفة رجل واحد لتحرير فلسطين. لا يعني ذلك أن إسرائيل لن تسعد بإنهاك الدول المحيطة بها، وقد صدر فعلا عن رئيس حكومتها كلام خطير فيما يخص مستقبل الجولان خلال زيارته الأخيرة لواشنطن. لكن الخطر المتأتي عليها لم يكن من تلك الدول بل إن إنهاك الدول، لاسيما تلك التي وقعت اتفاقات سلام معها، ليس بالضرورة من مصلحتها. ثم إن محاولتها بناء جسور مع دول الخليج لوقف توقيع الاتفاق النووي الايراني باءت بالفشل. لذلك، وبقدر ما يمكن للمرء أن يفهم تطور الأفكار داخل نخبة القرار الإسرائيلية، فالشعور الغالب هو أن التحولات الجارية في المنطقة، ناهيك عن تفجيرات باريس الأخيرة، تنتج هناك مشاعر مختلطة، متناقضة، بل إنها تضاعف من بارانويا الخطر الوجودي بدلا من أن تهدئها.
أما الدول العربية التي لم تُصب، أو لم تصب بعد، بعدوى الاحتجاجات فقد اعتبر عدد منها أن من مصلحته التدخل المباشر او غير المباشر تمويلاً أو تسليحاً أو توظيفاً لقدراتها الدبلوماسية والإعلامية، في شؤون الدول المضطربة. وقد شهدنا بالذات انخراطا ملموساً لدول الخليج في عدد من الساحات الملتهبة. لكن هذا التدخل بعيد عن أن يكون حاسماً، بل انه في الواقع مني بالإجمال بالفشل هو أيضا. وأسباب الفشل عديدة، أولها أن المال لا يكفي لتغيير مسار الأمور بل الحاجة أيضا لكادر ديبلوماسي وسياسي يوظف هذا المال بطريقة إيجابية. وثانيها أن إيجاد المال بات هو الآخر صعباً بسبب انخفاض أسعار النفط من جهة وتعدد الساحات الملتهبة من جهة أخرى. وثالثها أن العلاقات بين دول الخليج نفسها تميزت بالتنافس، بل والاختلاف أو حتى التصادم، أكثر منه بالتفاهم والتضامن، مما جعل سياسة دولة خليجية ما تتعطل بسبب معارضة الأخرى لها كما هي الحال في مصر او في ليبيا مثلا.
واختلفت دول الخليج تحديدا وبصورة حادة حول الاسلام السياسي. والواقع أن الدين يلعب في المجال العام أدواراً مختلفة. فالدين أولاً عقيدة تؤمن بماورائيات فاعلة وتعتمل فيها نقاشات دائمة حول التفسيرات والاجتهادات، فتنشأ من اختلاف الاجتهادات مدارس متنافسة تستمر عبر القرون وغالبا ما تتباعد عوض أن تتقارب. والدين أيضاً مؤسسات تعمل للحفاظ على تلك العقيدة وبالأساس للحفاظ على نفسها وعلى مصالح القيمين عليها. والدين ثالثا لغة تعبوية يلجأ اليها البعض حين تتعطل مفردات السياسة، فتسهل له مهام مضاعفة الأنصار وجمع القدرات المالية. والدين أيضا سوق تنافسية بين الأديان والمذاهب والتيارات من أزقة بغداد حتى هضاب افريقيا. لقد ظهرت وظائف الدين هذه جميعا وبقوة خلال هذه الفترة من الزمن وتنوعت مسالك الدول منها بين من حاول توظيف تيار منها لمصلحته، وبين من تبنى تياراً منافساً، وبين من وضع إعادة الإسلام السياسي الى قمقمه في صدر أهدافه. بالمقابل، فقد حاولت الحركات الإسلامية نفسها أن تحتفظ باستراتيجياتها المستقلة عن الدول التي تدعمها كما حاولت توريط تلك الدول ما استطاعت في مشروعها للوصول للسلطة حيث بدا لها الأمر متيسراً. وباتت “داعش” تشكل النموذج الأكبر والأكثر فظاعة لهذا التداخل بين سبل توظيف الدين في النزاعات مع مشاريع سياسية بحتة لمجموعات مقاتلة ومع سياسات دول تبحث عن أدوات للوصول الى مآربها. وحدسي أن الطفرة الدينية التي بدأت منذ نحو نصف قرن، لاسيما غداة هزيمة 1967، باتت تشهد قدرا من التباطؤ. بالمقابل، قد لا تكون الحمٌى المذهبية، وهي سيرورة تختلف نوعياً عن الظاهرة الدينية، والتي تفاقمت بعد غزو العراق سنة 2003، قد وصلت الى ذروتها بعد.
إن صح هذا التشخيص السريع للحقبة المضطربة جداً التي نمر بها، فنتيجته الأولى هي أننا لسنا بعد بصدد اقفال تلك الحقبة او اعلان انتهائها. قد يتطلب الأمر زمنا يقاس بالسنوات، وبالتأكيد لا بالأسابيع ولا بالأشهر، قبل أن تستقر المنطقة على حال جديدة. ثم إن العوامل البنيوية المتفجرة الآن تعني أيضاً ان رقعة عدم الاستقرار قابلة للتوسع على الأقل بقدر ما هي قابلة للانحسار. وفي الجوهر فهي تعني أخيرا ان الحلول السياسية والدبلوماسية، على الرغم من طابعها الملحٌ، تبقى دون خطورة التحديات الوجودية التي تواجه أبناء
المنطقة.
وحين نواجه التحديات الوجودية، فإننا ننزلق بصورة لاشعورية لسؤال مكمٌل وهو وجود من؟ من نحن لنسأل حقيقة عن أمر بقائنا من عدمه؟ وننزلق مجدداً للتساؤل عن مصائر الدول التي رسمت حدودها لنا منذ نحو قرن من الزمن، وهي تبدو اليوم مهددة بالمقصات العاملة في خريطة المنطقة خزقا هنا ولزقاً هناك. ألم نخبر بدفن اتفاق “سايكس ـ بيكو”؟ ألا نرى نمو كيان بل كيانات كردية هنا وهناك؟ ألا نلمس مآل التطهير العرقي والديني والمذهبي الجاري امام أعيننا؟ أسمع همسا بعودة الضم هنا والتقسيم هناك بينما يستعيذ القاصي والداني بالله من شروره الفظيعة. وأرى من جانبي أن الدول الحديثة صنيعة بشرية، مهما تبارى البعض في تقديسها، وهي، ككل صنائع البشر، عرضة للتوسع وللتقسيم وللضم وللاندماج في غيرها بل وللفشل الذي قد يؤدي الى موتها. لذلك علينا أن نخرج من اللاهوتية المتزمتة ونعتبر مما نرى فنسأل أنفسنا ماذا انتفعت الباكستان فعلاً من انفصالها عن الهند، وشمال قبرص عن جنوبها، او جنوب السودان عن شماله مثلاً وقد دخلت الدولة الوليدة هناك في حرب أهلية طاحنة أسوأ بكل المعايير من حربها السابقة مع الخرطوم. وعلينا بالمقابل أيضاً أن نسأل ماذا ننتفع فعلا من نبذ الفدرالية بالمطلق، خصوصا عندما تكون الفديرالية أداة لتوحيد ما تمزق لا لتفريق ما هو موحد. فأمام هذه التطورات الدامية التي مزقت النسيج الوطني الحديث في نحو عشر دول من دول المنطقة، لم يعد مفيداً ان نداعب فوائد التقسيم الوهمية في دواخلنا، ولا ان نتمسك بشكل واحد من اشكال البنى الدستورية باعتباره مقدساً ولا يمسٌ. علينا على العكس ان نستنبط في كل من هذه الحالات حلولاً خاصة بكل واحدة منها، يمكن أن تقبل به القوى المتقاتلة وأن توفر على المدنيين قدراً من الأهوال التي نزلت بهم.
وإن كان هذا التشخيص صائباً، فإنه يعني الكثير لوطننا لبنان. فهو يعني أولاً أن اتساع رقعة اللااستقرار قد أنقصت كثيراً من مستوى الاهتمام الخارجي بشؤوننا. ولهذا التناقص نتائج ايجابية واضحة بمعنى أننا أقل عرضة للتدخلات، وأن ساحتنا الصغيرة، حيث تنافست القوى الإقليمية والدولية وتصارعت على أرضنا وعلى حساب أمننا واستقرارنا، تكاد ان تكون قد امست هامشية بالمقارنة مع الساحات العربية الكبيرة والأعظم شأناً، التي تشهد الآن أياماً صعبة. ولكن لتناقص الاهتمام الخارجي آثاراً سلبية أيضا، بمعنى أن الاستعداد الخارجي لدعم لبنان بات أضعف دبلوماسياً ومالياً وأمنياً. وترتب هذه الآثار مسؤوليات جديدة علينا لتقليع شوكنا بأيدينا. فعلى عكس ما يعتقد كثيرون، فانه بمقدور اللبنانيين اليوم، أكثر بكثير من حقب عديدة سابقة، وأكثر مما يعتقدون اجمالا، أن يعالجوا قضاياهم بأنفسهم من انتخاب رئيس جديد إلى إعادة تشغيل المؤسسات الدستورية المعطلة … حتى جمع النفايات.
ولكن السؤال الأساس هو: هل ما زال هناك من لبنانيين في لبنان؟ لقد تحولت مؤسساتنا جميعها إلى نوع من المجالس الملية نتسلى فيها بإثبات قدرتنا على منع الآخرين من اتخاذ القرارات أكثر من العمل على اتخاذها حتى لو كانت ملحة أو حتى حيوية. لقد أدى بعض مضمون اتفاق الطائف، وخصوصاً جل الطرق الخرقاء التي اتبعت في تطبيقه، الى اندثار مفهوم الدولة القادرة المتجاوزة للمصالح الفئوية. كانت تلك الفئوية تحرك حياتنا السياسية قبل الحرب ولكنها اقتحمت بعد الحرب إدارتنا العامة أيضا فطبعت بآثارها الوخيمة لا مؤسساتنا الإدارية القديمة فحسب، بل تلك المؤسسات الجديدة التي استحدثناها بعد الطائف.
والصورة الأكثر انتشاراً عنا هي صورة العابثين بشؤون بلدنا، العاجزين عن التفاهم على أبسط المسائل، النائين بأنفسنا عن قضايانا، بحيث لم يعد هناك من حاجة للتدخل في شؤوننا لأننا نعمل بأنفسنا على منع قيام دولة مترفعة عن أهواء طوائفنا في الداخل ومستقلة عن رغبات دول الغير. وإني أرى مسبقا الابتسامة على وجوهكم إن قلت لكم إن الأخطار تحدق بوطننا من كل صوب، وإن اولى المهام التي تواجهنا هي إعادة إحياء مؤسساتنا الدستورية من رئاسة وبرلمان وحكومة. وأخشى ان تتحول الابتسامة الى ضحكة مجلجلة إن أضفت أن بوسعنا فعلا أن نقدم على ذلك. وقد يذهب بكم الأمر إلى اعتباري مستشرقا ساذجا حين أضيف ان المانع الحقيقي امام عودة الحياة لتلك المؤسسات هو في أنانيتنا وفي ضعف حرصنا على وطننا، ومنه قبولنا الوصول الى ذكرى جديدة للإستقلال بلا رأس للدولة، لا في أي مؤامرة خارجية.
إلا أن هناك من يرى الأولوية في تغيير قوانين اللعبة قبل وقف التعطيل المؤسسي شبه الشامل. لهؤلاء أقول: لا يرى عيوب اتفاق الطائف، وخصوصا مثالب تطبيقه، قدر أولئك الذين أسهموا بتواضع بالتوصل إليه وأيدوه من دون أي رياء. يحق لهؤلاء تحديداً، واعتبر نفسي واحداً منهم، ان يشيروا إلى مواضع الخطأ في النص كما في التطبيق وأن يفكروا ببدائل أكثر متانة. لكنه يحق لهم أيضا ان يرفضوا هدم ما هو قائم سعياً وراء تلك البدائل. فالعقلانية تقضي بإعادة الحياة لكل المؤسسات الدستورية والإدارية كشرط مسبق لتطويرها، بينما يبدو لي أن تعطيل هذه المؤسسات كوسيلة لتعديل الصيغة السياسية هو نوع من المجازفة غير المحسوبة تشي بفئوية حادة وبقدر ملموس من انعدام المسؤولية.
ولا شك عندي أن مصلحة بلدنا تقضي أيضا بتمني انتهاء المأساة السورية، وبأسرع وقت ممكن، على منظومة سياسية وقانونية وإدارية ترضي أهلها وتضع حدا للرزية الواقعة عليهم. ذلك أني رأيت، ومنذ اليوم الأول ولم أغير رأيي منذ ذلك اليوم، أن الأزمة السورية لا يمكن أن تحل عسكرياً، بل هي تستدعي عاجلاً أم آجلاً حلاً سياسيا قد يبنى على “بيان جنيف” وعلى “مبادئ فيينا” التسعة. ويوم تصمت المدافع في سوريا، علينا أن نكون جاهزين لصياغة أرقى المهام التي يمكن ان يطمح اليها اللبنانيون، ألا وهي الإسهام بإعادة بناء البلد الأقرب لنا بكل معاني القرب. قيل مراراً أن لبنان رسالة بقدر ما هو وطن، ولكن الوطن ممزق لدرجة يصعب معها تحميله عبء أي رسالة. ولا أرى مهمة أسمى لنا، إن لتعزيز استقرار وطننا أو لحملنا تلك الرسالة التي قيل انها صنو وطننا، قدر السعي لعودة السلم الأهلي لجارتنا الأقرب والعمل الى جانب أشقائنا فيها على إعادة بنيانها.
أما بعد، فكيف لي ان أختم هذه الكلمة من دون البوح بالحزن المدمي الذي بات يسكن في دواخلنا حتى صار جزءاً منا؟ كيف لا ونحن نرى العنف العشوائي يحصد الناس من دون تمييز في منازلهم وفي شوارع أحيائهم، في مدنهم وضواحيهم، تنزل حممه عليه من الجو وتقذف بهم في الشارع، بينما تشرد آخرون على دروب النزوح والمذلة؟ كيف لا وقد بتنا نصدٌر الى شوارع باريس سيلاً من العنف والعنف المضاد الذي اعتدنا عليه لدرجة اعتباره اعتياديا؟ لكنه ليس كذلك، وصحوتنا تبدأ يوم نقر بأن سكوتنا عنه أو الإكتفاء بالتأسف لحصوله واستدعاء الخارج لمعالجته، فيه تجاوز لأبسط القواعد الإنسانية وانعدام صارخ لمسؤوليتنا. إن الأنظمة التي تستبد بنا خارجة من رحم مجتمعاتنا، والحركات الظلامية التي تنشر الموت في طريقها منبثقة من صلب ثقافتنا، والعالم ما عاد يتسامح مع تكاسلنا الذهني ولا مع تملصنا من مسؤولية ما نفعله بأنفسنا وبالآخرين. بل هو حق العالم علينا ان نتحمل مسؤولية حروب أهلية تمزقنا وانظمة مستبدة تتحكم برقابنا وعنف أقصى نمارسه على أنفسنا وعليه. وشعوري أن العالم ما عاد يشاركنا نظرتنا الى ذواتنا وكأننا في عداد ضحايا هذه التحولات الدامية، بل بات يميل لإعتبارنا متواطئين، بالفعل او بالقول وخصوصا باللافعل، مع كل نظام وكل جماعة تقوم بتبني البربرية أو تمارسها. فلا نتعجبن من خفوت تنديده بالعنف الذي يصيبنا ولا من تحميله لنا بعض مسؤولية عما يصيبه. وكيف لنا بالفعل أن نلومه؟
الأنباء
——————————————————–
(*) كلمة ألقيت في حفل تكريم الوزير السابق غسان سلامة من قبل جمعية أعضاء جوقة الشرف في لبنان، الخميس، 19 تشرين الثاني 2015.