لانقلاب العسكري الأخير في بوركينافاسو الذي قاده الجنرال جيلبر ديانديريه على الرئيس المؤقت ميشيل كافاندو، يطرح من جديد إشكالية الانقلابات العسكرية في القارة الإفريقية، فأي مستقبل لهذه الظاهرة التي عانت ولاتزال تعاني منها القارة السمراء؟
إعداد رابح خالدي
تعد قضية تدوال السلطة في أفريقيا من أكثر القضايا المثيرة للجدل والتي تدور في فلكها كافة الأزمات التي تعاني منها دول هذه القارة منذ حصولها علي الاستقلال في ستينيات القرن الماضي.
فقد انتشرت موجة من الانقلابات العسكرية اجتاحت القارة الأفريقية بطريقة مباشرة عبر الانقلابات العسكرية، كحالات موريتانيا ومدغشقر والنيجر ومالي، أو غير مباشرة عبر ترجيح طرف سياسي على آخر، كحالة كوت ديفوار ساحل العاج في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أكتوبر 2010م.
وخلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة أجبر ثلاثة وعشرون رئيسا وصلوا إلى السلطة عبر انقلابات عسكرية على مغادرة الحكم ، من فرنسوا بوزيزي في افريقيا الوسطى إلى كارلوس غوميس في غينيا بيساو .
وعلي الرغم من أن القارة الأفريقية شهدت منذ منتصف الثمانينيات تجارب ناجحة في التداول السلمي على السلطة، تمثلت عبر إجراء انتخابات تعددية في عدد من الدول إلا أن هذه الإجراءات لم تؤد إلي انتشار الاستقرار في القارة .
الخبيرة في الشؤون الإفريقية أماني الطويل، تعتبر أن من أهم أسباب استمرار النهج الانقلابي للوصول إلى السلطة في دول القارة السمراء، يعود إلى " فشل النظام الحاكم في التنمية الاقتصادية ، في قارة تسيطر عليها التباينات العرقية والدينية والثقافية بين الشعوب الأفريقية".
من جانب آخر "تعاني دول القارة من أزمة الفساد المالي، الذي تستغله الشركات الأجنبية في الاستحواذ على الموارد الطبيعية لهذه البلدان، وهو ما يتجسد في حالة نيجيريا".
وغالبا ما يبرر الإنقلابيون عملهم باستشراء الفساد وانعدام الأمن وفقدان هيبة الدولة، ويقولون إنهم مضطرون إلى الوصول إلى مقاليد الحكم لتحقيق الأمن والاستقرار وهما الركيزتان الأساسيتان لأي تنمية شاملة.
ومع ذلك فإن الانقلابات العسكرية في أفريقيا لم تساهم في تحسين أوضاع الأفارقة واستقرار الأوضاع في القارة.
وتتجه الأنظار إلى دور المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، لوضع حد للانقلابات العسكرية كطريقة للامساك بالسلطة.
الخبير الأمني والاستراتيجي ناجي ملاعب يرى أن هذه المهمة تقتصر أساسا على منظمة الاتحاد الإفريقي ، باعتبار الانقلابات العسكرية قضية داخلية لاتستلزم تدخل مجلس الأمن، خاصة بعد المنحى الذي سلكه الاتفاق النووي الإيراني مع دول 5+1 و النجاح الدبلوماسي في تلافي الحرب العسكرية.
وبقدر ما تطمح الشعوب الإفريقية إلى تحسين أوضاعها الاقتصادية والاجتماعي، بقدر ما تبرز الحاجة الماسة لإشراك المواطن الإفريقي في التصدي لمنهج الانقلابات العسكرية، عن طريق تعزيز الثقافة الديمقراطية لتحقيق الحكم الراشد.
مونت كارلو الدولية- الوطن