.. من هنا يبدأ الإصلاح/ محمد المختار ولد محمد فال

سبت, 01/22/2022 - 15:14
محمد المختار ولد محمد فال

أعلن صباح اليوم عن بدء استقبال ملفات المؤسسات والهيئات الصحفية، الراغبة في الإستفادة من دعم صندوق تسيير وتوزيع الدعم العمومي للصحافة الخاصة في موريتانيا.. وهو حدث صار مألوفا للمشتغلين بالحقل الصحفي الخاص.. لكن الجديد هذه المرة، يتمثل في أن لجنة الدعم وضعت معايير جديدة، تنطلق من واقع الصحافة الحقيقي، بعيدا عن الشروط الماضية، التي جعلت من الدعم العمومي نقمة لا نعمة، عند ما فرض في السابق على المؤسسات الصحفية جملة من الإلتزامات والشروط، دفعت بها إلى تلبيتها شكلا، دون أن يغير ذلك من واقعها المؤسسي عمليا.

النتيجة: إثقال كاهل غالبية مسؤولي هذه العناوين الصحفية بالتزامات مالية، لصالح الضرائب والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، رغم عجزهم الواضع وشح مواردهم المالية التي قاربت الصفر منذ سنوات عديدة، الشيء الذي نقلهم من معدمين بريئين، إلى معدمين مدانين، لعجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم لصالح هذه الجهات العمومية، التي يخول لها القانون تقديم الجميع إلى العدالة.. والنتيجة معروفة.

إن لجنة صندوق دعم الصحافة الخاصة، قد خطت الخطوة الأولى نحو إصلاح، ينطلق من الواقع، قد تشكل لبنة، يشيد عليها تحول عملي وجدي، بعيدا عن المغالطة وتبرئة الذمة، النابع من باطل أريد به حق.

فأول دعم يجب أن يقدمه صندوق دعم الصحافة الخصوصية، هو: الإتصال بالضرائب والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، بغية إنهاء هذه المهزلة المسيئة للجميع، ثم بعدها يخير الجميع بين البقاء في المهنة الصحفية بضوابطها وشروطها، أو الرحيل بسلام، دون تبعات والتزامات، جنت بها براقش على نفسها، وعندها لن يبقى داخل الحقل الصحفي، إلا  من هو قادر على الوفاء بالإلتزامات التي تتطلبها المهنة الصحفية أخلاقيا ومهنيا.. وسيبحث أولئك المتسكعون الإنتهازيون، عن سبيل آخر للعيش، فتتخلص منهم الصحافة ومن حالة التسيب التي حولتها إلى مهنة من لا مهنة له.

نتمنى أن تكون هذه الخطوة، مقدمة للتطبيق الفعلي لنتائج تقرير لجنة إصلاح الصحافة- رغم عدم اطلاعي عليه- لكنني واثق من أنه سيكون خطوة في الإتجاه الأفضل.. فقد قيل  إنها أوصت بتمهين المهنة الصحفية وتحمل الدولة للديون المترتبة على العناوين والمؤسسات الصحفية، لصالح المؤسسات العمومية، والتي أثقلت كاهلها، بفعل مهزلة التمهين، التي جعلت من الدعم العمومي وسيلة لدفع الصحافة في الإتجاه غير الصحيح.

فنحن نعاني اليوم من صحافة تنهش أعراض الناس، وتدلس على الجميع، وتشعل نار الفتنة بين المواطنين، تأكل بثدييها وتسيء للجار وللمهنة الصحفية.. في ظل سلبية كرستها الأنظمة المتعاقبة، اتجاه هذا الخلل، الذي يبدو أن النظام الحالي شعر بخطورته وكون لجنة لإصلاح هذه المهنة، التي نتمنى أن تجسد نتائج عملها قريبا.. وإلا فإن استمرار وضع كهذا، سيجعل من السلطات العمومية مجرد شاهد زور على اللعب بنار، تستخدمها الدول لشن الحروب ولخدمة مصالحها الإستراتيجية.

 أما نحن فإننا نستمتع بتطاير شراراتها، مثل ما يستمتع المتدفئ بتطاير شرارات حطب مشتعل في شتاء تيرس القارس.

 

 محمد المختار ولد محمد فال- كاتب صحفي

20/01/2022